المصريون
د . جمال المنشاوى
منطق الأفغان في مراجعات الإخوان!؟
سألوا رجلاً أفغانياً كم عمرك؟ قال 40 سنة, وبعد 10 سنوات سألوه كم عمرك الآن؟ فأجابهم 40 سنة, تعجبوا منه وقالوا من 10 سنوات سألناك نفس السؤال فأجبت نفس الإجابة بالرغم من مرور 10سنوات, ألا تكبر أم ماذا؟, أجاب الرجل بمنتهي الأريحية: ( الأفغاني ثابت علي رأيه ولا يغير موقفه ولا كلمته أبداً!!), ذكرني هذا المثال الأفغاني المشهور بكلمة حكمتيار القائد الأفغاني الشهير ورئيس الوزراء بعد طرد الروس في لقاء معه في بيشاور في وجود الشيخ حافظ سلامه, عندما أشار إلي صخرة ضخمة وقال هل ترون هذه الصخرة؟ قلنا نعم, قال العقلية الأفغانية كهذه الصخرة في العناد, وكان محور الحديث حول تداعيات الغزو الروسي لأفغانستان وهل سيستسلم الأفغان لعدم تكافؤ القوي!؟, المثالان السابقان يسوقانا إلي ما يتردد هذه الأيام وبشده حول قيام بعض قيادات أو شباب الإخوان بمراجعات !, وإعادة تقييم للأمور, وهو ما تناقلته بعض المواقع استنادًا إلي عدة تصريحات أو تدوينات لبعض الأشخاص القياديين في الجماعة مثل عصام تليمه وجمال حشمت وعمرو دراج , والذين كتبوا حول أخطاء الجماعة وعددها جمال حشمت بالعشرة, وتُفاجأ عندما تجد قيادة بحجمه يشتكي من حجب المعلومات عنه وعدم استطاعته معرفة الكثير من الحقائق داخل الجماعة, والمٌتابع لتاريخ الإخوان من أيام الشيخ حسن البنا 1928حتي تاريخنا هذا يلاحظ أنه ما من دعوة خرجت عن خط الجماعة ومبادئ وأسس الشيخ حس البنا التي صاغها في (الأصول العشرين), كمحاولة إصلاح أخطاء أو تقويم مسار إلا كان مصيرها الفصل من الجماعة, والخروج منها, علي المستوي الفردي أو الجماعي, كما حدث مع جماعة (شباب محمد), وكما حدث مع الشيخ أحمد السكري نائب المرشد, والشيخ محمد الغزالي , وكما حدث في العصر الحديث مع عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب وإبراهيم الزعفراني وخالد داوود وكمال الهلباوي وغيرهم, والمراجعات التي يتكلمون عنها الآن لا تتعلق بأي أصلٍ من الأصول العشرين أو ما يسمونه ثوابت الجماعة, لكنها تتعلق ببعض الممارسات التي حدثت بعد الثورة وتولي الجماعة الحكم لمدة عام في أمل طال انتظاره 83 عاماً, لكنه تبخر بفضل هذه الممارسات في عام واحد, مما أحدث صدمة غير مسبوقة, وكارثة ومحنة لم تمر بها الجماعة من قبل, حيث كانت محنها تحدث وتتركز وهي في المعارضة, وليست وهي في سدة الحكم, بعد أن لاح لهم حصول التمكين الذي كانوا يسعون إليه!,المراجعات تتمثل في عدم التعامل مع بقية القوي الثورية بشفافية كشركاء وليس كقنطرة للوصول للحكم, وتتعلق بمنهج التعامل مع الدولة والجيش هل المطلوب مواجهة أو مداهنة, وعدم قبول الحلول التي كانت مطروحة في 30 يونيو من إجراء استفتاء أو انتخابات مبكرة, والتعنت في رفض الأمرين معا مما أدي لكارثة ترك الحكم وسجن مرسي والكثير من قيادات وأفراد الجماعة, هذه المراجعات أو الأخطاء لا تتعلق بأمور أخطر في تكوين الأساس الفكري الذي يتم به تشكيل الفرد الإخواني, ويتم تدريسه لهم في الأسر بحيث يتشبع به العنصر فيصبح في النهاية إنساناً (ميكانيكياً ) يتلقى الأوامر وينفذها دون تفكير, اعتماداً علي البيعة التي من أركانها الثقة في القيادة بكل مستوياتها من المرشد وحتى مسئول الأسرة أو الحي, واعتماداً, علي أنه ليس كل ما يعرف يقال وليس كل ما يقال حان وقت قوله وكل ما حان وقت قوله يقال لأي أحد,كذلك لم تتعرض المراجعات للتكوين النفسي الداخلي لفرد الجماعة الذي يُغرس فيه أنه ينتمي لجماعة ربانية معصومة لا تخطئ ولا يأتيها الباطل من بين يديها أو خلفها, وأنها الوحيدة المؤهلة لقيادة العالم وأنها جماعة المُسلمين التي يُتهم الخارج عنها دائماً أنه أقل فهماً ومعرفة والتزاماً شرعياً من عضو الجماعة, وينطبق هذا علي الأفراد أو الشعوب, فالشعب الذي لا يستجيب للجماعة شعبٌ مٌغيَب, لا يستحقهم فهو الخاسر إن لم يحكموه, وهو الخاطئ إن عارضهم وخرج عليهم فيستحق كل بلاء ينزل به حتى وإن كانوا هم السبب فيه, وأنهم دائما الأفضل والأحسن والأعلم والأجدر بالقيادة في أي وكل مجال يتواجدون فيه, كذلك نظرية العزلة الشعورية عن المجتمع بحيث يشكلون فيما بينهم ( جيتو أو كانتونا نفسيا), لا يستطيع أحد اختراقه أو الاندماج فيه ما لم ينضم إليهم, كذلك دعوات التكفير التي يتبناها بعض دعاة الجماعة والتي زادت وتيرتها واستفحلت بعد إسقاط مرسي باعتباره ولي الأمر الشبيه بعثمان بن عفان! فالخارجين عليه أشبه بالخوارج, هذا غيض من فيض يستحق لفت النظر إليه وإعادة ترتيب الأفكار حتى تكون المراجعات ذات قيمه وحتى تنتفع بها الأجيال القادمة وهذا ما سنستعرضه في المقال القادم بمشيئة الله!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف