محمد رسلان
(توك توك ) باشا.... ومترو الأنفاق أفندي !
على الرغم من أنه الأقل حجمًا إلّا أنه الأكثر انتشارًا فأصبح كالوباء فكلما وليت وجهك فُوجئك بوجوده يسير بطريقة بهلوانية لا ضابط ولا رابط ولا قواعد مرورية ولا أصول يسير عليها ولا أيْ شيء .... ولم لا فهو بلا نمر بلا أوراق تراخيص بلا شيء على وجه الإطلاق.
يا سادة هو عبارة عن (مُسخة) تُشترى من المعارض لِتُزاحم الناس في الطرقات وفي كل موضع، فلا يوجد طريق رئيسي ولا فرعي ولا حارة ولا زنقة؛ إلا وتجد المدعو (توك توك).
المصيبة السوده أن هناك حوادث متكررة من جراء هذا (التوك توك ) من عمليات سرقات وخطف وقتل تشيب لها الولدان.
والمصيبة الأكبر أن ظاهرة (التو ك توك) وانتشاره لا تنحسر على الأماكن الشعبية الأكثر فقرًا أو المناطق الريفية، على وجه الإطلاق بل تجده على الطرق (الهاي واي) كمصر اسكندرية الصحرواي أو مصر العلمين أو الطريق الشمالي الدولي ، ولا يكاد يُرى وفجأة تجده أمامك كأنه خرج من باطن الأرض .
سائق التوك توك (باشا ....باشا) يسير عكس الإتجاه إذا لزم الأمر ويقطع عليك الطريق ، وقد يكون مزاجه عالي فتجده مركب سماعات لا تجدها إلا في صالات (الديسكو والأفراح الملاح ) فلا يَسمع صوت أي تنبيه من أي نوع، ويؤرق الناس، ليس ليلًا بل جهارًا نهارًا في (عز الظهر).
السؤال المهم من يركب هذا (التوك توك)
بالله عليكم، وكم يدفع من المال نظير أي توصيلة ولو قصيرة ؟
أقول لكم وبكل صراحة يركبه في الغالب الأعم (المُعْدَمين) ... سيدة مُسنة كانت بتصرف العلاج الشهري لأدوية (الضغط والسكر والقلب) وتعاني من خشونة في المفاصل .... وتسكن بعيد عن الشارع الرئيسي في حارة مثلًا.
السؤال كم تدفع نظير توصيلة (التوتوك) لا أحد يقول جنيه واحد أو خمسة ، فهي على حسب قد تصل إلى عشرة جنيهات أو قُل أكثر، إي بالله. هذا حقيقة واقعة، ولا أحد ينكر.
أمّا مترو الأنفاق ....فما أدراكم ومترو الأنفاق مشروع قومي حيوي بامتياز ينقل سكان القاهرة الكبرى يوميّا في زمن قياسي وبطريقة سلسة وميسرة ورائعة ، وبشكل حضاري يضاهي ما تراه عيناك في لندن (عاصمة العالم) كما يقال.
السؤال لماذا لا يتم إنصاف هذا المشروع الحضاري الحيوي ويساوى بـ(توك توك ) باشا من حيث سعر التوصيلة ؟
أما وقد قامت الدولة اليوم(23مارس 2017م بالإعلان عن زيادة تذكرة المترو جنيه واحد فقط بدءًا من يوم الجمعة القام فهذا (عين الصواب).
المهم المجلس (الموقر) غاضب من قرار الحكومة لأن الموضوع (فات من فوق راس لجنة من اللجان ) وكما يقال غاضبون لأن ذلك يخالف الدستور .
دستور إيه ومخالفة إيه...... أفضل مشروع قومي في مصر على وجه الاطلاق يتعثر ويكاد ينهار بسبب قلة الموارد وزيادة فواتير الاستهلاك، حتى إن شركة الكهرباء تهدد (هيئة مترو الأنفاق) رسميّا بقطع التيار.
ماذا بقي بعد ذلك؟
قارنوا بين الـ(توك توك ) ومترو الأنفاق لترون حجم الكارثة التي نحن بصددها.
قارنوا بين كلمني شكرًا بـــ(خمس جنيهات) للرغي والهرت واللت والعجن ، وتذكرة مترو الأنفاق.
تحياتي للحكومة على قرارها زيادة المترو جنيه واحد فقط ، فكنت أتوقع الزيادة إلى (وصلني شكرًا) بخمسة جنيهات على أقل تقدير .
وكنت أتوقع في نفس الوقت أن تقوم الحكومة نفسها بعمل كروت خاصة للفقراء والمعدمين بحيث تكون تذاركهم مدعمة من قبل الدولة ومخفضة عن التذكرة الحقيقية للمترو .
ولكن حكومة تعمل وسط ضغوط لا يعملها إلا الله وحده، والحقيقة إن مصر كلها في ضغوط والسبب الرئيس في هذه الضغوط هم (أصحاب المصالح والسبوبة) ولا تقل لي دستور ولا غيره، فالدستور الناس بلّاه وشرب ميته من زمان، ولكن مش عالريق..... فلم يأت بمردود، أو الجرعات غير مضبوطة فلا ينفع ولا يشفع والمرض هو هو .
في ىلآخر سلم لي عالمترو ولا تنسى الدستور بالمرة والمجلس (المُوقِّر) .
د. محمد رسلان
طبيب وباحث