الحقيقة ان ايجاد قانون وتطبيقه بصرامة علي المواطنين ليس كافياً إذا لم يجد شعبا لديه ضمير. ونسق قيمي يمنعه من الفساد والسرقة والرشوة والمحسوبية. فأزمة الدولار سببها الرئيسي انعدام ضمير سواء مسئولين او مواطنين فأحدهم يتخذ قرارات برؤية خاطئة وآثار مدمرة والاخر تحول الي تاجر عملة من أجل ربح سريع حتي لو دمرا معا الوطن. وليست ازمة اختفاء السكر الا دليلاً علي ان هناك من يهوي الربح السريع والاحتكار ولو علي حساب الشعب المغلوب علي أمره. وليس ازمة رفع الجمارك عن استيراد الفراخ ثم التراجع عنه الا دليل جديد علي فساد وتواطؤ المسئولين وعدد من الشعب. وللأسف يمر ذلك بلا حساب او رادع. مما يعني ضمنيا استمرار كل تلك الممارسات الفاسدة. وللأسف نندب حظنا لماذا تقدم الاخرون وتأخرنا. لماذا ينهش الأخرون في اجسادنا دون ان نقاوم. ببساطة لانهم اعلوا من دولة القانون وبنوا الضمير الانساني. ففي إحدي المرات دخل صديقي متجراً في ايرلندا وجده يضع ¢بن¢ من نفس النوع ونفس الجودة لكن علي احدهما سعر 18 سنتا للأوقية. والآخر 20 سنتا. وعندما سأل البائع لماذا السعران وما الفرق بين النوعين. قال لا فرق بينهما في الجودة لكن الأول جاء قبل رفع السعر لذا لم أضيف عليه زيادة وسوف أبيعه بسعره القديم حتي ينتهي. والثاني جاء بعد رفع سعره فتم زيادته. أي أخلاق هذه أي ضمير هذا. أنهم يطبقون تعاليم ديننا لكن نحن مسلمون اسما فقط. بينما سعر السلعة يتغير كل لحظة. بل ان سعر سلعة ما يختلف من مكان لآخر. والدولة بدلا ما تضبط الاسعار تكتفي بالفرجة وزيادة الجمارك ليدفع المواطن الثمن مرتين .. الاول عدم التوقف عن شراء السلعة المستوردة رغم ارتفاع ثمنها لانها الاجود. وتحمل الارتفاع غير المبرر والذي يتم بالتوازي في السلع المحلية برغم عدم جودتها .. ولا عزاء للوطن.
الواقع اننا نمر بظروف غاية في القسوة. بسبب ممارسات خاطئة من الجميع. جعلت العملة تفقد نحو 100% من قيمتها خلال عام واحد. دون أمل في وقف هذا النزيف في القريب العاجل. وهو خطر كبير علي الوطن وعلي استقراره. ولا تبني اوطان فقط بالوعي الشعبي بوجود مؤامرة علي وحدته وسلامة اراضيه. لكن يبني الوطن بوجود خطة إصلاحية حقيقية لا تعتمد علي الاقتراض من الخارج. وتوقف الفساد وتضع الفاسدين في السجون حتي يكونوا عبرة لغيرهم. وبدلا من حشوهم بمعلومات لا يلتزم بها المجتمع ولا يستفيد منها. لابد من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفقا لخبراته وقدراته وكفاءته وليس من اجل خفة دمه او اسم عائلته او منصب والده فلن يبني وطن أي وطن بدون عدل.