فتحى حبيب
اللهم بلغت .. توريث الوظائف
لا شك أن التصريحات المستفزة والعنصرية التي أطلقها وزير العدل المستشار محفوظ صابر حول رفضه تعيين أبناء العاملين بالنظافة في السلك القضائي أثارت غضب واستفزاز جموع المصريين.. خصوصاً علي مواقع التواصل الاجتماعي.. ولا شك أيضاً أن التصرف الحكيم الذي بادرت به الحكومة بإعلان قبول استقالة الوزير قد نال احترام الرأي العام.. ولكن ما ورد علي لسان وزير العدل المستقيل في إحدي القنوات الفضائية الليلة الماضية يثير علامات استفهام كثيرة.. حيث أكد إصراره علي موقفه باعتباره الواقع الذي لم يعجب الناس.. وأن انسحابه من الساحة ما كان إلا لتفادي حدوث انشقاق في المجتمع!!
عموماً تقديم وزير العدل استقالته يؤكد أن الدولة ماضية في طريقها الصحيح نحو العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد بما يحقق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو ويلبي طموحات هذا الشعب الأبي الذي يلتف حول قائده لبناء مصر المستقبل.
وقد جاء حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية "دائرة البحيرة" مؤخراً بحظر توريث وظائف الآباء للأبناء.. وأنه جريمة يعاقب عليها القانون انتصاراً كبيراً لآلاف الخريجين.. خصوصاً البسطاء من حملة الكليات والمعاهد الذين ينضمون سنوياً إلي طابور العاطلين أو بتوصيف أدق إلي طابور غير المحظوظين في ظل المحسوبية و"الكوسة" التي تسيطر علي التعيينات الحكومية منذ زمن بعيد.
وظاهرة توريث الوظائف البغيضة توحشت في عهد الرئيس المخلوع مبارك وكشفت عن وجهها القبيح دون خجل أو حياء في أعقاب ثورة 25 يناير في ظل الفوضي التي ضربت البلاد.. واحتل بعض الخريجين أماكن وظيفية مميزة في الدولة ما كانوا يستحقونها علي حساب زملائهم الأوائل والكفاءات.. مما ساعد في تردي الأوضاع بالجهاز الإداري للدولة وانتشار الفساد.. وقد لعب أعضاء مجلسي الشعب والشوري السابقون وكبار الموظفين بالدولة دوراً كبيراً في توريث الوظائف ومنحها لمن لا يستحق علي حساب من يستحق.. وإن شئت قل للبلداء.. وكل ذلك أصاب أبناء الفقراء والبسطاء بالإحباط والاكتئاب لدرجة انتحار بعضهم وتجسدت المأساة في استبعاد 124 خريجاً من وظيفة معاون نيابة عامة عام 2013 بتهمة "غير لائق اجتماعياً" وأن آباءهم لا يحملون مؤهلات عليا!!
والحقيقة التي لا مراء فيها ويدركها الجميع أن توريث الوظائف للأبناء والأقارب والنسايب أصاب مؤسسات الدولة بالوهن والضعف وسوء الإدارة وتراجع الخدمات.. وإن ظلت فقط القوات المسلحة العريقة المؤسسة الوحيدة القوية تؤدي بكل تفان وإخلاص لرفعة الوطن والحفاظ علي ترابه الغالي.. وكانت ومازالت وستظل المنقذ للبلاد والعباد.. وإنها حقاً "يد تبني ويد تحمل السلاح".
أخطاء توريث الوظائف في الماضي ماثلة أمامنا الآن.. نعاني ويلاتها وما ترتب عليها من خراب ودمار.. ولكن كلنا أمل في تصحيح الرئيس السيسي للأوضاع.. وقد هدأ من روعي تصريح د.أشرف العربي وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بأنه لم يعد من المقبول أن يكون جميع العاملين في الجهاز الإداري أقارب بالمخالفة للدستور.. نعم يا سيادة الوزير لقد لمست الوتر ووضعت يدك كجراح ماهر علي مواطن الداء والوباء وأس البلاء الذي أصاب البلاد والعباد.. فجميع الموظفين بالدولة أبناء وأقارب ونسايب تم توريث الوظائف لهم.. والطامة الكبري أن الورثة غير متخصصين فأصبحوا كالمسخ لا طعم له ولا لون ولا رائحة.. عالة علي الدولة بأيدي الدولة التي سمحت بذلك في الماضي وحرمت أصحاب الكفاءات من حقوقهم.
وأخيراً:
لماذا كل هذه الضجة حول اللاعب "أبو تريكة"؟!.. كل المواطنين سواسية أمام القانون!!