.. وكأننا نبحث عن الأزمات لتفجيرها وزيادة الأعباء والمعاناة للمواطن الذي يعاني ويصرخ مما وصل إليه حاله منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي.. فهل نحن كوزراء ومسئولين لا نشعر بهذا المواطن الذي هو منَّا ونحن منه كما يدَّعي أهل الشر؟!.. أم أن الأمر هو قلة حيلة وعدم وجود حلول من خارج الصندوق أو قدرة علي التشغيل والإدارة التي تحيل الخسائر إلي أرباح؟!
أقول هذا الكلام بمناسبة الأزمة التي تفجرت عن النية لزيادة أسعار تذكرة المترو منذ يوم الأربعاء الماضي بدعوي أن السعر ثابت منذ 12 سنة وأن هناك خسائر بلغت 467 مليون جنيه في 3 سنوات!!
الآن نسمع أن السكة الحديد التي تقدم خدمة عامة للجمهور يعمل بها 73 ألف موظف وما يحتاجه المرفق لا يتعدي 15% من هذا العدد.. وبالتالي فإن جانباً كبيراً من هذه الأعداد لا يعمل ولا حاجة له.. فهل هذه مسئولية العاملين أم القائمين علي العمل؟!
أيضاً يقولون إن الخط الأول لمترو الأنفاق منذ بداية عمله منذ 30 سنة وحتي الآن لم يشهد أي تطوير.. وطبقاً للواقع العملي لابد من إحداث تطوير بعد 15 سنة.. وأن يد التطوير نالت بعض الوحدات المتحركة فقط وتركت نظم الإشارات والكهرباء بلا تطوير.. وأن نفس المشاكل موجودة في الخط الثاني ولكن بدرجة أقل.. فهل حاسبنا أحداً علي هذه "الوكسة" التي اكتشفناها الآن؟!
كلنا يعلم أنه منذ بدء إنشاء المترو كنا نباهي أنفسنا بالنظام والانضباط ونقول لبعضنا البعض إن الواقع تحت الأرض مختلف تماماً عن السطح في إشارة واضحة إلي الفوضي والارتباك بشوارع القاهرة والتي لا تجد انضباطاً أو نظاماً صارماً يلتزم به الجميع!!
وكلنا أيضاً يشهد أن كل ذلك تراجع وتحدث الإعلام كثيراً عن اهمال صيانة ماكينات التذاكر ومتابعة عمليات التزويغ دون تذكرة.. فضلاً عن الاهمال الذي شاب المحطات في النظافة والانضباط وإصلاح الأعطال وانتشار الباعة والمتسولين في عربات المترو.. وكل ذلك كان مقدمة إلي الانهيار.. فهل تم محاسبة أحد عما حدث طوال هذه السنوات حتي لا نصل إلي هذه الأوضاع؟!
ليس هذا فقط ولكن: هل حاولنا أن نستفيد من الطاقات العاطلة التي يتحدثون عنها الآن وهل حاولنا توظيفها التوظيف الصحيح والاستفادة منها مقابل الأجور والمكافآت التي تحصل عليها دون عمل؟!.. والمجالات كثيرة لو فكرنا في ذلك بشكل عملي بدلاً من أساليب التكدس علي المكتب وصرف الأجور فقط!!
وهل فكرنا في استغلال المحطات وأسوار المحطات وتحويلها إلي مناطق جذب تجارية تحقق عائداً لإدارة المترو؟!.. وهل قدمنا أفكاراً مبتكرة لاستغلال مساحات هذه المحطات في الدعاية والإعلان مثلما يحدث في بلدان أخري؟!
إننا دائماً وأبداً نترك الأمور حتي تصل إلي حالة الانهيار ثم نصرخ ونحاول أن نحمل المواطن الكادح وحده أخطاء الإدارة علي مدار هذه السنوات ودون أن نحاسب من تولوا الإدارة.. وماذا حققوا من مكاسب دون أن يعالجوا الثغرات والمشاكل التي نعاني منها الآن!!
عموماً إنني أحيي تأكيد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء بأن الحكومة تبحث توفير 500 مليون جنيه لسداد المديونيات المتراكمة علي المترو لثلاث سنوات!!
وكنت أتمني أن يكون هذا الأمر مقدمة لإرجاء زيادة سعر تذكرة المترو الذي بدأ سريانه منذ أمس حتي لا نحمل محدودي الدخل المزيد من الأعباء خاصة أن هذه الزيادة سوف يستتبعها موجة من رفع الأسعار لباقي أنواع المواصلات وربما يمتد الأمر إلي سلع وخدمات لا علاقة لها بالمترو كما تعودنا وشاهدنا في مناسبات كثيرة من قبل!
علينا أن نتحسب لذلك وأن نبحث عن بدائل لمضاعفة موارد الدولة من فئات أخري قادرة وتحقق دخولاً هائلة ولا تسدد الضرائب أو تتهرب منها.. ومن هذه العوائد نستطيع دعم الخدمات التي نستفيد بها جميعاً.. لأنه بصراحة ليس معقولاً ولا مقبولاً أن يتحمل غير القادر كل الأعباء في الوقت الذي تتزايد فيه ثروات آخرين وتتضاعف ولا يعطون للدولة حقوقها.. فهل نفعل؟!
أتمني..