يبدو أن البعض عندما وجد الشكوي مرة من أن المدرسة لم تعد كما كانت في الماضي مكاناً للتربية والتعليم فتفتق ذهنه عن وظيفة جديدة للمدرسة وهي التسميم.. أي تسميم التلاميذ وبدلا من أن نسمي الأمور بتسمياتها ونعلن عن محاكمات عاجلة للفاسدين والمسئولين عن الكارثة واسماء هؤلاء الموردين للوجبات المدرسية.. إذا بالمسئولين يخرجون علينا بمبررات واهية عن ظاهرة التسمم.. هذا يقول: معظم الحالات أصيبت بـ "الإيحاء". وآخر يتهم سوء التخزين.. وينتهي الأمر بقرار إيقاف صرف الوجبات المدرسية علي مستوي الجمهورية وتشكيل لجنة للوقوف علي أسباب حدوث هذه الظاهرة.. وقديماً قالوا: إذا أردت قتل موضوع ما قم بتشكيل لجنة.. وكان شعار المرحلة تحول من خليهم يتشلوا إلي خليهم يتسموا.
* قضية أخري بعيدة عن التسمم الغذائي ولكنها تدخل في اطار التسمم الفسادي الذي انتشر بكثرة.. فقد كتبت منذ فترة طويلة محذراً من أن القروض المخصصة للمشروعات الصغيرة لا تذهب إلي الشباب مستحقيها وأن هناك تلاعباً يحدث وها هي الأيام تثبت صدق حديثي عندما تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من كشف عصابة يتزعمها مدير عام المشروعات الصغيرة بأحد البنوك تقاضي وآخرون مليوني جنيه رشوة مقابل منح وتخصيص قروض بلغ ما أمكن حصره منها 25 مليون جنيه بموجب مستندات مصطنعة ومزورة.. وجار استكمال الحصر.. ولو كان المسئولون استمعوا لصوت العقل عندما حذرنا ولم يطلقوا التصريحات الوهمية عن عدد المستفيدين من القروض لعلموا الحقيقة.. ولكن شعار المرحلة "خليهم يتسمموا".
* في الوقت الذي تعلن فيه مجلة "فوربس" الأمريكية عن أن ثروات 7 رجال أعمال مصريين سجلت 1.18 مليار دولار أي ما يعادل 329 مليار جنيه.. وأن عائلة ساويرس هي الأغني في مصر بثروة حجمها 7.10 مليار دولار أي ما يعادل 194 مليار جنيه.. في نفس هذا التوقيت شهدت منطقة الاستاد الرياضي بمدينة كفر الشيخ مأساة عندما تزاحم حوالي 80 ألف شاب وفتاة بحثا عن فرص عمل فيما أطلق عليه ملتقي التوظيف الأول.. وكانت النتيجة إصابة حوالي 166 بكسور وإغماء نتيجة التدافع. ناهيك عن من لقي حتفه وهو كان في الطريق.. ولم يحصل الشباب بالطبع علي أي فرص تماشياً مع سياسة "خليهم يتسموا".
* عندما تنشر صحيفة رسمية مصرية هذا الخبر دون أي تعليق من المسئولين فإن الأمر يدعو ليس للدهشة ولا الاستغراب.. بل لأشياء أخري والخبر نشرته صحيفة "الأخبار" يوم الثلاثاء 21 مارس الحالي ويقول: وقع انفجار ضخم مساء أمس وسط مدينة العريش دون وقوع إصابات.. وقال شهود عيون إن مجهولين قاموا بتفخيخ عمارة سكنية تتكون من 4 أدوار بحي البطل القريب من حي السعدان في نطاق قسم ثالث العريش.. وأضاف شهود عيان أن مجموعة مسلحة أخرجت الأهالي من المنزل وقامت بتفخيخه وتدميره بالكامل أمام المارة الذين فروا من المكان خوفاً من الإصابة.. ويرجح أن عملية التفجير تمت حتي لا تتمكن قوات الأمن من اعتلاء العمارة لمراقبة عناصر بيت المقدس باعتبارها من البنايات العالية في المنطقة.. انتهي الخبر أي والله هكذا تم النشر ولم أجد أي تعقيب أو توضيح من المسئولين وذلك تنفيذا لسياسة "خليهم يتشلوا" التي أصبحت "خليهم يتسموا".
* عندما يعرض أحمد عز نصف مليار جنيه للتصالح مع الدولة ويقوم مبارك برفع قضية لاسترداد 63 ملياراً أسهم خاصة به وبنجليه علاء وجمال تم التحفظ عليها بمصر للمقاصة دون أن يسأل أو يحاسب أحد هذا أو ذاك فهذا يدخل تحت بند خليهم يتشلوا أو يتسمموا.
* أخيراً وليس آخراً.. لا أعرف لماذا تصدر كل قرارات رفع الأسعار وتعويم الجنيه وخلافه وآخرها رفع تذكرة المترو "ليلة الجمعة".. ما هي الرسالة التي يريد المسئولون إيصالها؟!
عفواً.. في الماضي كان شعار المرحلة علي لسان مبارك "خليهم يتسلوا".. ثم كان التطور الطبيعي للشعار "خليهم يتشلوا".. وأخيراً يبدو أنه أصبح "خليهم يتسموا".. فالتسمم لا يأتي من الغذاء فقط.
حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.