عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. الكهرباء.. بين الفحم والغاز
أعلم أن توليد الكهرباء- في مصر- يلتهم حوالي نصف ما تنتجه مصر ونصف ما تستورده من الغاز. وأعلم أن مصر سوف تفكر 1000 مرة بعد أن يبدأ إنتاج حقل ظهر من الغاز، في المياه العميقة أمام شمال شرق مصر حتي لا تعود مصر- بعدها- إلي مشاكل استيراد الغاز.. لتغطي احتياجات محطات توليد الكهرباء.
ولهذا السبب- وغيره- تنشط محاولات إنتاج الكهرباء من خلال المحطات النووية والطاقة الشمسية والرياح.. والمتجددة.. لأن سياسة تنويع مصادر ما تحتاجه البلاد تقتضي كل ذلك.. ولكن ماذا عن استخدام الفحم في توليد الكهرباء؟
<< وأعرف، أن دولاً عديدة، في مقدمتها اليابان والصين في آسيا.. وتركيا وهولندا وإيطاليا- من المدرسة الأوروبية للطاقة- تستخدم الفحم أيضا في إنتاج الكهرباء.. وأعلم- أيضا- أن مصر تفكر في نفس الاتجاه.. وكان ذلك قديماً.. ووسيطاً.. وحالياً. وكنا قررنا إنشاء محطة كهرباء في غرب سيناء تقوم علي استغلال الفحم المصري المتوافر في حقل المغارة جنوب العريش بحوالي 170 كيلو مترا.. ولكن هاجس التلوث والبيئة قتل هذه الفكرة.. فلا نحن أقمنا المحطة.. ولا نحن عرفنا كيف نستغل فحم المغارة هذا.
<< ولكن انطلاقاً من أفكار الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء الذي عبر بمصر- مشكوراً- عنق زجاجة نقص إنتاج الكهرباء.. فإن الرجل يمضي وبحماس شديد في تنويع مصادر إنتاج الكهرباء، وهو هنا يجمع بين القديم.. والوسيط.. والحديث.. لذلك يحيي من جديد فكرة استخدام الفحم.. ولكنه يفضل استخدام الفحم المستورد من شرق آسيا مثلا لتشغيل واحدة من أكبر أفكاره.. في محطة كهرباء عملاقة يجري التجهيز لها بمنطقة الحمراوين علي البحر الأحمر.. إذ تصل طاقتها إلي حوالي 6000 ميجاوات.. وتكاد تعمل وفق نظام محطات الكهرباء الفحمية في اليابان وتقريبا من نفس طاقتها.
وفكرة إقامة محطة- في هذه المنطقة- لها أكثر من ميزة.. إذ يمكن أن توفر احتياجات المشروعات المستقبلية في المثلث الذهبي وسط وجنوب السويس علي البحر الأحمر، وهي من أكثر المناطق تبشر بمستقبل طيب لمصر وبالذات في منطقة عانت من إهمال رهيب لمئات السنين.. ثم إن هذه المحطة قريبة إلي حد ما من حلم مصر الأول وهو تنمية قطاع قناة السويس الذي يمكن أن تنطلق مصر- منها- نحو مستقبل أفضل.. وهي يمكن أن تساهم في توفير الطاقة إلي مشروعات تنمية جنوب سيناء..
<< أي هي موقع مثالي لتوزيع محطات الكهرباء، رغم وجود شبكة الكهرباء الموحدة التي تكاد تغطي مصر كلها.. ولكن لا تنس هنا الفاقد الكبير الي نفقده من كهرباء من هذه الشبكة الموحدة، خلال عمليات النقل والمحولات وغيرها.
ومن المؤكد أن سبب اختيار هذه المنطقة لإنشاء هذه المحطة هو قربها من الموانئ البحرية، ليسهل لنا استيراد الفحم الآسيوي بكل أنواعه.. حتي لا تخضع مصر لأي محاولات ابتزاز من موردي الطاقة فحماً كان أو غازا طبيعيا.. وحسناً فعل الدكتور شاكر عندما أصر علي أن تعمل المحطات العملاقة الثلاث التي تقيمها شركة سيمنس بأكثر من مصدر للطاقة.
<< ولكن السؤال الذي سأظل أطرحه: لماذا نبتعد عن استخدام الفحم المصري الموجود باحتياطي كبير في جبل المغارة وسط سيناء؟.. لا أعرف لماذا يتهرب وزير الكهرباء من الإجابة علي هذا السؤال؟.