جريدة روزاليوسف
د.حسام عطا
الفرص الضائعة والممكنة
الأقصر عاصمة للثقافة العربية فرصة للتفكير الجديد المختلف، لكن صدمتى عندما تابعت حفل افتتاح الفعالية الجديدة الأسبوع الماضي، هو وجود التنورة فقط تدور فى بهو الكرنك العظيم، وكأنك تشهد حفلا عاديا لاحتفال عادى وارد حدوثه فى أى قرية سياحية، تستقدم ثلاثة من راقصى التنورة، ثم تابعت برنامج الاحتفال بالعام فالأقصر حتى ذات الميعاد فى العام المقبل هى عاصمة الثقافة العربية، فلم أعثر، فى حدود ما بحثت وعرفت، عن برامج محددة تستهدف التعاون الثقافى الذى يجعل الأقصر طوال العام هى البوتقة الحاضنة للثقافة العربية، لكن ما هو أهم من إعلان برنامج تنفيذى يمكن أن يعبر عن ثقافات ذات صلة بالأوطان العربية الممزقة وثقافاتها التاريخية فى سوريا والعراق وليبيا للمساهمة فى دعم القضايا الحيوية لتلك الأوطان خاصة فى مواجهتها مع التطرف الدموى الإرهابى باسم الإسلام واستعادة السلام الإنسانى ووحدتها الوطنية. ولذلك فغياب الفرصة الذهبية كى تكون الأقصر من مقترب ثقافى هى الحاضنة لتلك القضايا العربية المهمة كى تدعم الثوابت الثقافية الممكنات السياسية أمر خطير، بل ربما تكون الأقصر صاحبة دور مهم فى المبادرة الفرنسية - الإماراتية بالتعاون مع اليونسكو للحفاظ على التراث المادى العربى (الآثار) من الهدم والسرقة والتشويه، بل وربما تصبح القضية الفلسطينية محط أنظار العالم من قلب المعابد المصرية القديمة كفعالية خاصة لدعم كفاح الشعب الفلسطينى من منظور ثقافى يساهم فى تجديد الخطاب الدينى العربى والفلسطينى على وجه الخصوص فى فعاليات ثقافية حقيقية قادرة على إحياء الدور الثقافى المصرى العربى المحورى. وجدير بالذكر ضرورة إحياء الفهم الغائب للثقافة العربية كتعبير عن الحضارات القديمة للمنطقة التى كانت مهد الأديان الأولى ديانة التوحيد المصرية الفرعونية (إخناتون)، والإيمان الفينيقى بحافظ البحر ومحركه، ثم النبى إبراهيم العربى ثم موسى عليه السلام، وعيسى عليه السلام صاحب الرسالة الإنسانية العالمية المسيحية، جدير بالذكر أيضا أن اتصال الأقصر بالجزيرة العربية وبأفريقيا العربية عميق منذ الفراعين الأوائل الذين اتصلوا أيضا بالحضارات الأولى فى بلاد العرب، فلم تكن تلك المنطقة غيابا إنسانيا حضاريا قبل انتشار الثقافة الإسلامية، وثقافة القومية العربية الحديثة، وإحياء ذلك التنوع الثقافى القديم ربما يكون دورا مهمًا للأقصر التى كانت واحدة من أهم عواصم العالم العربى القديم تدعيما لاستمرار المسار الحضارى العربى ولوحدته ولقوميته العربية ولثقافته الإسلامية الحية الحضارية التى لم تولد من فراغ بل ولدت متفاعلة مع فنون وثقافات وحضارات عربية قديمة، ومن هذا المنظور يمكن فهم المسرح المصرى القديم فى المعابد كتراث مصرى إقليمى إنسانى قديم لأن مصر فى القلب إقليميا وجغرافيا وحضاريا من هذا العالم العربى من المحيط للخليج ولذلك فرقصة التنورة المكررة التى يعقبها صمت وزارة الثقافة المصرية فى هذا الحدث الكبير أمر يحتاج للتفسير وللإجابة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف