تنطلق الألسنة من هنا وهناك.. تلوغ وتعيب.. وتتهم الحكومة بالتباطؤ في حل المشكلات. والإهمال في مواجهة الأزمات.. والتقصير في إنجاز المهام.. وتدعي علي الوزراء إنهم دائماً ما يصدرون القرارات المعارضة للصالح العام.. وإن اتسمت بالصحة والسلامة فإنها تأتي غالباً في الوقت غير المناسب!!
يتباري الكثيرون ممن يحملون لقب "إعلامي".. في إظهار العيوب والثغرات.. لكي يضخموها ويصنعوا منها سدوداً من الكآبة والاحباط.. ويتخذوها "ذريعة" لإشهار أسلحة "التقطيع.. والتمزيق" في وجه رئيس الحكومة.. واطلاق سهام التجريح إلي صدور الوزراء.. بل إن بعض الإعلاميين.. يتجاوز الأصول والقواعد ويقفز فوق أساسيات الأدب والاحترام.. ويتعامل مع الوزراء الأفاضل.. وكأنهم "أفراد" في "تكية العائلة"!!
يتسابق المواطنون.. وكأنهم أساتذة وعلماء.. في توجيه وإرشاد أصحاب المناصب العامة.. ويندفعون لتلقين "المسئول" دروساً في الوطنية.. وكيفية أداء مهامه.. وفي أحيان كثيرة لا يتواني المواطن عن التهديد والوعيد لأي أحد.. يقف أمام رغبته.. ويرفض مطلبه.. حتي ولو تعارض مع القانون واللوائح وثبت عدم أحقيته!!
من المؤكد.. أن الحكومة ليست فوق النقد.. وأي مسئول يتولي منصباً عاماً.. يتعرض للمحاسبة والتقييم.. وفقاً للمعايير العلمية.. وفي إطار من النقد البناء.. والتجرد من الهوي والغرض.. وبعيداً عن التجريح الشخصي واستخدام العبارات التي تحط من قيمة الإنسان وتنال من هيبته ومكانته..!!
لا شك.. أن الحكومة لها أخطاء واخفاقات.. كما أن البطء والتثاقل يشوب أداءها.. وهناك تقصير وإهمال في قطاعات عديدة.. تستحق معه النقد والتوجيه بل والحساب الرادع.. ويلزم التبديل والتغيير.. لكن في المقابل حققت نجاحات وإنجازات.. واستطاعت الوفاء بالكثير من الوعود والتعهدات.. وبالتالي من حقها الإشادة والتقدير.. أما الاكتفاء بإظهار "السواد".. والتهويل له.. وطمس "الضوء" والتهوين منه.. فهذا يتنافي مع قواعد الانصاف ويثبت أن النوايا ليست جميعها سليمة!!
أمس "المشكلة".. أن الجميع بلا استثناء.. يضع حل المشكلات وإنهاء الأزمات في يد الحكومة وحدها.. ويعول عليها دون تقديم العون والمساندة.. بل يكتفي بالفرجة والنقد.. دون أن يعمل ويكد..!!
المواطن يطالب الحكومة بضبط الأسعار والقضاء علي المتاجرين بقوت الشعب.. في الوقت الذي يتكالب فيه علي الشراء ويخزن في منزله فوق حاجته!!.. ينادي بانسياب المرور.. ويسارع بالوقوف في الممنوع والسير عكس الاتجاه.. يتأوه الشباب من البطالة ويرفض الالتحاق بالوظائف المتاحة!!
الإعلامي المتغطرس يجاهر بانخفاض الإنتاج.. وانتشار الإهمال والتسيب داخل الأجهزة والمؤسسات.. وعلي الوجه الآخر يشجع الاعتصامات والإضرابات ويشيد بالمطالب الفئوية التي تثقل كاهل الدولة!!.. كذلك الموظف يبحث عن حقوقه ويتطلع لزيادة حوافزه.. بينما يتقاعس عن أداء واجبه. ويعطل مصالح الغلابة!!
حتي الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.. تكتفي بمهاجمة الحكومة وتحميلها كل الأعباء.. ولم يحاول حزب واحد أو مؤسسة مدنية تقديم يد العون.. والمساهمة في اقتراح الحلول للمشكلات والقضايا الملحة.. بل لم يسع لتطهير ساحته من الدخلاء والمغرضين والساعين لإشعال الفتنة!!
إن من الظلم البين إلقاء كل الأعباء فوق رأس الحكومة.. في حين يلتزم الآخرون بالفرجة والنقد والتشفي.. إنما ينبغي أن تتشابك كل الأيادي. وتصفو النفوس. وتصحو الضمائر.. وينضم الجميع إلي قافلة البناء والإصلاح.. كل يؤدي واجبه في مجاله قبل المطالبة بحقوقه.. ولابد أن يشارك كل مواطن الحكومة.. بالعمل المخلص. والأداء المتفاني. والنقد البناء.. والتوجيه الصحيح.. والإشادة المستحقة.. وبالالتزام بالقيم والمبادئ.. وبإعلاء الصالح العام.. وقبل هذا وذاك.. بالإيمان واليقين.. بأن "مصر فوق الجميع".