محمد جبريل
ع البحري .. القوي الكبري بديلاً عن المجتمع الدولي
السؤال الذي تفرضه التطورات الأخيرة في سوريا: هل صارت القوي الكبري - فضلاً عن القوي الإقليمية - بديلة عن المنظمات الدولية؟
آخر هذه التطورات دخول قوات أمريكية من المشاة والدبابات - فضلاً عن الغارات التي لم تتوقف منذ أشهر باسم التحالف الدولي - إلي مناطق القتال في سوريا بدواع غريبة. منها القضاء علي فلول داعش. وحماية المدنيين. والفصل بين قوات الأكراد وقوات المعارضة السورية. قبلها أعلنت طهران عن وجود "خبراء" لها في مناطق القتال. وتدخلت روسيا لمساندة الحكم السوري. ثم أدخلت القيادة التركية قواتها. بداعي القضاء علي حلم الدولة الكردية. المؤلفة من المواطنين الأكراد في تركيا وسوريا والعراق.
رغم اعتبار الحكومة السورية ما حدث بأنه غزو يجب رده. فإن أنقرة واصلت تدخلها. بحيث صارت قواتها جزءاً من الحرب في سوريا. وشاركت القيادة العسكرية التركية في مناقشة المستقبل السوري. إلي جانب القيادات الروسية والإيرانية التي سبقتها في فرض وجودها داخل أراضي سوريا.
في مطالع الخمسينيات من القرن الماضي قرنت واشنطن تدخلها في الحرب الكورية من خلال مساندتها للشطر الجنوبي. بدعوة الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة للمشاركة بقوات تساعد علي إضفاء صفة الدولية في الحرب. وبالطبع فقد كانت المساندة الحقيقية لحكومة سول من القوات الأمريكية التي صار لها - عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية - وجود في اليابان ودول الشرق الأقصي. لكن واشنطن أرادت مجاوزة خصومة الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي. بعد نهاية الحرب الثانية. بالإضافة إلي تدخل قوات الصين الشعبية من خلال الموجات البشرية التي بدلت صورة المعارك قبل أن تبدل القيادة العسكرية للغرب تكتيكاتها. وأذكر أن حكومة الوفد آنذاك اعتذرت عن المشاركة في الحرب الكورية لغياب الدوافع المقنعة. ولأنها قد تعيد إحياء الحرب الكونية بصورة أقسي مما عانته حرب الحلفاء والمحور.
كانت نتائج الحرب الثانية قد جعلت من الولايات المتحدة قوة عظمي. تساندها الدول الحليفة. في مواجهة الاتحاد السوفيتي وما لحقه مما سمي المعسكر الشرقي. لذلك كانت القرارات المنفردة للقيادة الأمريكية. بداية من إلقاء القنبلتين الذريتين علي هيروشيما ونجازاكي. ثم التدخل في الحرب الفيتنامية. وما تلاه من تدخلات أخري. مثلت ملامح الوجود الاستعماري الأمريكي في العالم.
من واجب المجتمع الدولي أن يتصدي للتفرقة العنصرية والقهر والظلم. ويدافع عن حق الإنسان في الحرية والعدل والكرامة الإنسانية. وهو ما قد يتحقق بالتدخل الدولي الذي يصدر عن وعي الدول الأعضاء في المنظمات. وتفهمها لصالح الشعوب. وليس بمؤامرات التوسع الصهيوني. ولا بالقرارات المنفردة للبيت الأبيض. أو البيوت المتعددة الألوان في طهران وأنقرة وموسكو ولندن وباريس. وهو ما تدفع له الأقطار العربية ثمناً غالياً. تطالعنا وسائل الإعلام - في توالي اللحظات - بنتائجه المدمرة.