الأخبار
حمدى الكنيسى
أخشي ما نخشاه
ليس من قبيل اليأس والتشاؤم أن أقول أخشي ما نخشاه أن تكون القمة العربية التي تستضيفها الأردن غدا مجرد حلقة متكررة مملة من مسلسل »قمم المكلمة وتبويس اللحي»‬ التي تنتهي عادة بعبارات براقة جوفاء وقرارات مصيرها الادراج التي تملك مفاتيحها أمريكا وحلفاؤها، ومن ثم يستمر الحال العربي المزري كما هو ، وقد يزداد سوءا.
أبدا لم يخطر ببالي أن أكون من دعاة التشاؤم، إنني فقط آثرت أن أدق أجراس الإنذار والخطر منبها قادتنا وزعماءنا »‬الأشاوس» إلي أن المأزق الرهيب الذي تعيشه أمتنا العربية لا يسمح إطلاقا بتكرارالإطار التقليدي للقمة واستمرارالفشل الذي تجلي وفقأعيوننا في القمة الاخيرة التي استضافتها »‬موريتانيا» ، منبها إلي أن شعبنا العربي المتطلع إلي قمة مختلفة تماما لن يقبل بذلك الاطار ، منبها إلي أن تاريخنا العربي لن يغفر لمن يضيعون آخر فرصة »‬للإنقاذ» ولكن كيف اذن لا يتحقق ما نخشاه، وننجو من اليأس والاحباط، وننطلق فعلا علي الطريق الذي لا طريق سواه وهو استعادة التضامن ونبذ الخلافات والحساسيات والحسابات التي ثبت بطلانها، وصولا إلي وحدة الصف والموقف، لعل حرص ١٦ قائدا وزعيما علي المشاركة في هذه القمة يكون مؤشرا إلي إدراك حجم المخاطر البشعة التي نتعرض لها ولا نملك لها دفعا حتي الآن.
وكم كنت أتمني أن يقتصر جدول أعمال سادتنا الزعماء علي عدد محدد من القضايا المصيرية الملحة بدلا من »‬١٦ قضية» وضعها وزراء الخارجية »‬سامحهم الله» علي مائدة محادثات القمة كمشروعات للقرارات.
ومع ذلك فإنني أتشبث ببصيص الأمل معتمدا علي أن الجلسات التشاورية الجانبية قد تنجح في إذابة جليد الخلافات والحساسيات خاصة تلك التي نشأت - بلا مبرر - بين مصر والسعودية، وغيرها ، بما يزيل المعوقات أمام أهم القرارات التي تنتظرها الأمة والتي يمكن أن تقود إلي إنهاء الحرب الاهلية والصراع الدموي العبثي الذي يكاد يقضي علي سوريا وليبيا والعراق واليمن، والذي ساهم في إشعاله وامتداده - للأسف - بعض المنتمين للأمة العربية. واذا كانت القمة القادمة تجتمع ومقعد سوريا مازال خاليا ، فإن إعادة الدولة الشقيقة إلي موقعها - خاصة مع احتمالات نجاح مباحثات جنيف - سيكون مؤشرا واضحا لوضع عربي جديد، وهذا ما يتحقق ايضا اذا ما تم تحجيم أو إيقاف ما ترتكبه إحدي الدول - مهما صغر شأن قيادتها - ضد أمن واستقرار شقيقاتها ليبيا وسوريا والعراق ومصر، ولعلنا نتذكر موقف خادم الحرمين الملك عبدالله رحمه الله إزاء تلك الدولة المارقة.
ثم نصل إلي »‬القضية المحورية» التي تتعرض الآن إلي ما يمكن أن يؤدي إلي إجهاضها نهائيا وضياع الحق الفلسطيني إلي الأبد خاصة في ظل القيادة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة كما يمثلها »‬نتنياهو» ، وفي ظل الإدارة الامريكية الجديدة التي أعلنت في معركتها الانتخابية عن نقل سفارتها إلي القدس ورفضت إدانة بناء المستوطنات.. وإن كان الرئيس »‬ترامب» قد تراجع أحيانا عن بعض آرائه ومواقفه مما يشجع علي محاولة استثمار مشاعر الود التي أبداها نحو »‬مصر» و »‬السعودية» خاصة لو رأي موقفا عربيا موحدا.
ولمزيد من الأمل أقول ليت قادتنا يبعثون حلم »‬السوق العربية المشتركة» بعد أن تأكدت خيبة »‬التجارة البينية» ، وصارت دولنا ساحة »‬مفتوحة» للمنتجات والصناعات الاجنبية، مما زاد من حجم البطالة التي يعاني منها أكثر من مائة مليون شاب عربي قد يتعرضون لاغراءات الجماعات الإرهابية أو المخابرات الاجنبية.
وهكذا بالفكر الجديد ، والإطار المختلف للقمة.. لا يتحقق ما نخشاه وننطلق غدا »‬من الأردن المضيفة». علي طريق النجاة من مخطط التقسيم والتفتيت والضياع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف