** العلاج الناجع والموضوعي لهذه الظاهرة.. يفرق كثيراً للإسراع بخطط النهوض بالوطن علي مدي رفعته الجغرافية.. ويقتحم جانباً مهماً مع معركتنا في مصر الجديدة.. ضوء العشوائيات التي خططت الدولة لإزالة وصمتها من جبين العاصمة والمحافظات علي مدي 4 سنوات.. بدأت ثمارها بالفعل من خلال إنجازات واضحة بل مشتركة في الأسمرات وغيط العرب والسويس ومناطق عشوائية ذات خطورة بالغة.. لا يكاد سكانها يصدقون ما يرونه بأن أزمتهم وحلها بدت واضحة بالاعتمادات والتخطيط والبناء في عيون الحكومة.
** أتحدث عن فكرة حضارية التقطها محافظ القاهرة المهندس عاطف عبدالحميد لمبادرة "القاهرة بلا كارو" تدرسه المحافظة مع الصندوق الاجتماعي.. ويشارك فيه الاتحاد الاقليمي للجمعيات الأهلية لمساندة سائقي الكارو الذين نراهم في الأحياء الشعبية والراقية والشوارع الرئيسية والفرعية.. لا فرق للتحول إلي قيادة سيارات ربع النقل ونصف النقل والتروسيكلات ذات الموتور.. لينقلوا البضائع عليها.. وتمليكها لهم بقروض ميسرة وبالطبع فإن المحافظ النشيط قد التقط هذه المبادرة في أرض الواقع.. ومن غيرته علي المستوي الحضاري للعاصمة حيث تنفق الدولة الكثير لإعادة الوجه الحضاري للقاهرة التاريخية.. ثم الخديوية في وسط المدينة.. حيث بدأ بالفعل عدد من سائقي العربات الكارو "العربجية" التحول من العربات الخشبية المصنوع معظمها لدي المعلم الزعبلاوي وأسرته يجرها بغل أو حصان.. أو حتي حمار.. ضرورة غالباً بعجلات كاوتشوك "من سيارات قديمة" تجري وراء لقمة عيشها.. في الأحياء الشعبية لمعظمها ما يشبه الموقف.
يحضر إليه الزبون للانفاق علي نقله من الخضراوات والفاكهة إلي الأثاث والمعدات الكهربائية وربما أحياناً مولدات ديزل وأخري ثقيلة.. وحتي الاتفاق علي انتقال أسرة ما بأعداد كبيرة فوق طاقة الأجرة والميكروباص إلي المقابر لزيارة الموتي في المواسم والأعياد.. وكذلك مشاركة أكثر في عربة كارو.. في حمل أثاث عروس من بيت والدها إلي عش الزوجية مصحوباً بالمهنئين والمهنئات.. بل ان البعض يحمل في هذه الزفة أحدث ابتكارات ال دي جي.. لتنتشر البهجة ليوم كامل في حي شعبي.. ليتنافس علي الفرحة وينتظر الابتكارات الممكنة في مناسبات قديمة.. بل ان أفلامنا القديمة.. توضح استخدام عربات كارو متجاورة.. كمسرح لفرقة فنون ورقص متجولة بالريف.
** وعربات الكارو تعترف دائماً بالبطء وعدم منافسة المركبات الحديثة في السرعة ولكنها أيضاً تتحدي المرور بالسير في الممنوع وأعلي الكباري.. وقد تصطدم بالسيارات دون عقوبة.. فهي خارج النظام المروري.. مثل التوك توك الذي توحش في الشوارع.. من حيث المخالفات وابتزاز الركاب بالمغالاة بالأجرة.. ربما يتجاوز التاكسي الأبيض والأسود علي السواء..
** وان كنت شخصياً ألاحظ عند الذهاب للعمل عربة كارو بسائقها النشيط وابنه.. تحمل ربط البرسيم من قرية بالقليوبية إلي عندنا.. كل يوم.. وفي نفس الموعد المبكر.. كما أرجح انهم.. أي العربجية يعملون بالتضامن.. كل يوم جمعة ألقاهم أمام مسجد شارعنا.. ينصبون سوقاً للخضار والفاكهة طازجة من الحقل مباشرة وبأسعار أرخص من السوق.. كما لابد من الإشارة إلي الدور البطولي للعربجية.. خلال الثورات والمقاومة ضد الاحتلال.. وكانوا ضمن كتائب التطوعين في المقاومة الشعبية حتي جلاء الإنجليز من أرض الوطن.
** ورغم ان مبادرة المحافظ لا تشمل سائقي الحنطور الذين يعتبرون ضمن مظلة السياحة.. رغم تراجعهم حالياً إلي الكورنيش والأهرامات والأقصر.. بعد اختفائهم التقريبي من توصيل أهل العميل يتحدثون مع السائق "كرباج ورا يا أسطي".. فإنهم يحتاجون لرعاية خاصة من السياحة تساعدهم علي الاستمرار.. ضمن وسائل نقل التراث.. التي يعشقها السائح ويعتبرها من أفضل ذكرياته بالبلاد.. اما مبادرة التخلص من الكارو.. كفكر.. نراها قديمة.. ترددت كثيراً في الستينيات مع تكدس المركبات الميكانيكية بالشوارع.. ثم تركت بعد الحماس للزمان وأفعاله.. بدليل ان الكثير من العربجية.. اقتحموا بالفعل عالم التروسيكل والربع نقل.. وأصبح أهالي المناطق الشعبية.. يعانون من تدبير احتياجات مناسباتهم السعيدة أو الحزينة من العربات الكارو.. الآن الفرصة سانحة لإخلاء القاهرة من عربات الكارو.. ووضع نماذج لها في المتاحف المناسبة.. علي أن تجتمع جهود المجتمع المدني والجمعيات الأهلية وأهل الخير.. للإجابة عن سؤال حول مصير "عربات الكارو" وضمان تسليم كل عربجي وسيلة العيش المناسبة بعد التأهيل.. تجنباً للارتباك المروري والاجتماعي أيضاً.. ولنتأمل الواقع مع نتائج بدء التطبيق .