الوفد
عزة أحمد هيكل
ماذا حدث للمصريين؟
ماذا جرى، وماذا حدث، وكيف وصلنا إلى هذه الحالة من التصارع والخلاف على كافة المستويات، وصرنا على حافة الهاوية من انعدام حقيقي لمعنى الأخلاق والاحترام والمسئولية تجاه الوطن وتجاه الموقع والمكانة وتجاه الآخر؟، فالحالة المجتمعية التي نعيشها بعد ثورتين وإرهاب وفوضى وأزمة اقتصادية طاحنة أثرت سلباً على سلوكيات وأخلاقيات المواطن المصري في كافة المجالات والمستويات الفكرية والاجتماعية وشتى الأماكن والمناصب حتى وصلنا لاغتصاب طفلة رضيعة من مجرم أمن العقاب وأمن القانون المتأخر ودرجات التقاضي التي قد تصل إلى سنوات ينعم فيها هذا الوحش اللا آدمي بالحياة داخل السجن ويشبع فيها بقية غرائزه الحيوانية الشيطانية وهذه الظاهرة ليست جديدة على المجتمعات الغربية ولكن هناك تواجه بالحزم والعنف والرفض المجتمعي وإعمال القانون.
ووصمة العار التي تلحق بأسرة من ارتكب هذه الفعلة والجريمة الشنعاء النكراء لكن في بلادنا مازلنا نضع رؤوسنا في الرمال ونخشى من الإفصاح عن كم الانتهاكات التي تجري في دور الأيتام وبعض دور الحضانة والمدارس والشارع والعشوائيات، لأن العادات والتقاليد والخوف من الفضيحة وبطء القانون وفي بعض الأحيان غياب ضمير بعض المحامين قد يصل بالأمر لأن تصبح الضحية هي الجاني وهي المسئولة عن الجريمة.
وفي السياق ذاته، نجد ما حدث في مجلس النواب المصري وذلك البرلمان الذي انتخبناه ورضينا بالعديد من تجاوزاته وانغلاقه على ذاته وعدم إذاعة الجلسات حتى نضمن الشفافية والعلانية وحتى نعرف من يمثلنا بعد الغياب الواضح والجلي لدور الأحزاب السياسية على الساحة وعدم تواجد الكوادر الحزبية السياسية الجادة والحقيقية المعبرة عن الشعب، اللهم إلا حزب الوفد الذي مازال يجاهد ويصارع للتواجد وبعض الأحزاب الوليدة مثل المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي وهذا التكتلات داخل البرلمان من شباب 25 و30 تعبر إلى حد ما عن تيار سياسي معارض ومخالف لسياسات الدولة أو الحكومة ولكن للأسف دون تواجد فعلي وفعال على أرض الواقع السياسي، ولهذا فإن مجلس النواب أصبح غير معبر عن المصريين سواء الذين انتخبوه أو جموع الشباب الذين رفضوا المشاركة في الانتخابات لتخوفهم من حالة الانسياق السياسي للبرلمان في تكتلات داعمة للحكومة دون القيام بواجباتها التشريعية والرقابية لتصحيح مسار الحكومة وأداء السادة الوزراء الأفاضل، فلم نسمع في هذا البرلمان عن طلبات إحاطة للمسئولين ولم نشاهد أو نقرأ أي استجوابات للسادة الوزراء والمحافظين وإنما نتابع النواب على الفضائيات ونراهم وهم يصولون ويجولون في نبرة عنترية تصور لنا أنهم أسد عليّ وفي الحروب وداخل أروقة السياسة نعامة... البرلمان ترك الساحة للحكومة وترك الشارع للبلطجية وللعنف وترك السياسة للإعلام والفضائيات وترك المواطن فريسة لكل هؤلاء فلم نسمع عن قانون لضبط الأسعار وتحديد هامش الربح ومنع الاحتكار ولم نرَ من ذلك البرلمان أي توجه لحل المشكلات اليومية والحياتية للمواطن ولقمة العيش التي صارت شبه مستحيلة على الجميع ووصل الأمر داخل البرلمان بدلاً من أن يراقب ويشرع ويخفف الحياة ويجعلها أسهل وأفضل للمصريين ويساعد الحكومة والدولة على تجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وصل به الحال إلى تشابك وخناقات وصراعات تشبه ما يحدث فى أى منطقة عشوائية بين المتصارعين دون أى احترام للمجلس وللكبار وللشعب الذى وثق واختار وآمن بالطريق الديمقراطى لاستقرار وأمن هذا الوطن.
ماذا حدث لنا نحن المصريين؟ وكيف ننهض من هذه الكبوة التى أودت بالقيم والمثل والأخلاق إلا إذا قررنا جميعاً أن نغير من تلك السلطات التى تعرقل تطور الوطن سواء سطوة السلطة الدينية أو تعالى السلطة القضائية أو غياب السلطة التشريعية الرقابية وانعدام السلطة المجتمعية الثقافية الفكرية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف