عندما أعلن ترامب عن رغبته فى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، كتبت هنا وتساءلت: ماذا لو صدق وفعلها؟، وما هو موقف البلدان العربية؟، وفى مقال تالي توقعت ألا يخرج موقف القادة العرب عن بيانات الإدانة والشجب، وقلت: ربما يميل بعض الحكام العرب إلى التمييز بين القدس الشرقية والغربية، والتأكيد أن السفارة نقلت فى المدينة الجديدة بعيدا عن القدس العربية القديمة.
منذ يومين جدد نائب الرئيس الأمريكي «مايك بنس» الحديث عن نقل السفارة، وصرح بان الرئيس دونالد ترامب(رئيس الولايات المتحدة الأمريكي) يدرس بشكل جاد نقلها إلى القدس، هذا التصريح يجىء قبل يومين من انعقاد القمة العربية في العاصمة الأردنية، وقد صرح به
« بنس» أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، وهي جماعة ضغط أمريكية قوية موالية لإسرائيل، وتوقيت هذا التصريح قد يثير علامة استفهام: هل «بنس» يبعث برسالة إلى القمة العربية؟، هل إدارة ترامب تجس نبض الحكام العرب؟، والسؤال الأهم: هل ينتظر ان يتخذ الحكام العرب موقفا جادا أو حادا خلال قمة العاصمة الأردنية؟، وهل من المنتظر(حسب تحذير أوباما فى خطبة الوداع) أن يفجر نقل السفارة الوضع فى المنطقة؟.
قيل إن البيان الختامي لقمة الحكام العرب سوف يشمل مشكلة السفارة، وأن وزراء الخارجية ناقشوا المشكلة فى اجتماع الأمس، وقيل إن البيان تتضمن بالفعل فقرة عنها تعبر عن موقف البلدان العربية، فى هذه الفقرة دعا الحكام العرب جميع البلدان(بشكل عام دون تخصيص) إلى الالتزام بقراري الأمن 476 و478 لعام 1980، ومبادئ القانون الدولي، التي تعتبر القانون الإسرائيلي بضم القدس، لاغٍيا وباطلا، وعدم إنشاء بعثات دبلوماسية فيها أو نقل السفارات إليها».
ما الذي يفهم من هذه الفقرة؟، وكيف تترجم سياسيا على أرض الواقع؟، الواضح أنها مجرد دعوة وتذكير بقراري مجلس الأمن، وللأمانة يحسب فى هذه الفقرة لحكامنا أنهم تخلوا تماما عن سياسة الشجب والندب، وفضلوا متعهم الله بالحكمة والشجاعة والصحة في هذه الفقرة أن يرتدوا ثوب المُذكر(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ـــ الذاريات 55)، تماما مثل المرأة المثقلة باللحم والشحوم التى تجلس طوال اليوم على عتبة الدار، تنبه جيرانها والمارة فى الحارة مما قد ترى أنهم يغفلون عنه: خلى بالك يا أم إسماعيل من الميه اللى قدامك.. يا أم عزيز أوعى تنسى تقفلى باب الزريبة وراكى.. يا ولد ماتغظيش الكلب ليعضك..
وزراء خارجية العرب صاغوا الدعوة، وأدرجوها فى البيان الختامي، وبعد أن يوقع عليها القادة العرب غدا بعون الله وفضله، سوف يتوضئوا مما مست النار، ويعودا إلى بلدانهم.
استدراج: أتوقع أن تظل الخلافات المصرية السعودية على حالها، ربما يلتقى الرئيس والملك على هامش القمة، وربما يلتقيان فى جلسة تجمع بعض القادة، وربما يتجنب الأخير اللقاء، وقد يخيب الله ظنوننا ويبارك الأمير(ولى ولى) تحسين العلاقات.