المصريون
د . جمال المنشاوى
منطق الأفغان في مراجعات الإخوان!(2) .. تقديس القيادات!
من أكبر القضايا التي تحتاج مراجعة من الإخوان هي قضية النظرة للقيادات وخاصة الشيخ حسن البنا رحمه الله, فهم ينظرون إليه نظرة تقديس بصورة مُبالَغ فيها, حتى في القضايا الشرعية التي تبّنَي فيها الآراء المرجوحة شرعاً, لكنهم لا يجرأون علي ذكر ذلك, ثم الالتزام الحرفي بكلامه ومخافة الخروج عنه بحكم إختلاف الظروف والواقع, لكنهم ينقلون كلامه نقل مسطرة, ويحاولون إلزام الغير به, ومن خالفه منهم يظن نفسه آثماً شرعاً, ويعاني الأمرين لمحاولة تبرير مخالفته لِآراء الشيخ التي قيلت في ظروف وأوضاعٍ مختلفة, بل من المبالغات والغلو فيه أحياناً أنهم يستشهدون بكلامه أكثر من كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم, ويستطيعون بمنتهي البساطة تأويل كلام الرسول لكن لا يجرأون علي مخالفة كلام البنا!, وانسحب هذا المنهج بطريقة هرمية من الرأس حتى القاعدة كما قلنا من قبل, من المرشد إلي نوابه إلي أعضاء مكتب الإرشاد نزولاً إلي مسئول الأسرة والحي, هذه النقطة تحتاج إلي مكاشفة حقيقية واتساع صدر وبيان أن الشيخ حسن البنا بشر يخطئ ويصيب, وأن المرشد من بعده كذلك وهذا ما حاوله الشيخ الغزالي في الخمسينات عند اختلافه مع الهضيبي المرشد التالي للبنا, الذي كان خارج إطار الجماعة التنظيمي لكن تم اختياره لعلاقته الجيدة بالقصر والملك وقتها!, وأنتهي الأمر بفصل الغزالي الذي كان يؤمن بإعمال العقل وعدم التلقي والتنفيذ الأعمى للأوامر والتعليمات, أيضاً مما يحتاج للمراجعة الصدق في التوجه والمواقف كأساس شرعي وليس منهجاً تكتيكياً, يتلون ويتغير بتغير مصلحة الجماعة التي أعتبر البعض أن هذه المصلحة صنم يُعبد حتى وإن خالف القواعد الشرعية الثابتة, مثلاً في حرب العراق الأولي (غزو الكويت) أيدت أغلب تنظيمات الأخوان الغزو حتى إنني التقيت الشيخ أحمد القطان بالسعودية في جلسةٍ خاصة فتكلم بمرارة شديدة عن موقف الإخوان الذين أيدوا صدام برغم الانتهاكات والمخالفات الشرعية التي حدثت, من أجل مصلحه يظنون أنها آتية إليهم بعد تمكنه, كذلك في حرب العراق الثانية وغزو أمريكا لها, كان الحكم الشرعي المُجمع عليه من فقهاء الأمة هو أن الجهاد في هذه الحالة جهاد دفع وهو فرض عين علي كل أفراد الشعب, رجالاً ونساءً, شيباً وشباباً, حر أو عبد, دائن أو مدين,لكن وللأسف الشديد أن الجهتين الوحيدتين اللتين لم يطلقا طلقةً واحدة ضد الأمريكان هما الشيعة والإخوان, بل كان رئيس الحزب الإسلامي الإخواني محسن عبد الحميد يدخل القاعات متأبطاً ذراع بول بريمر حاكم العراق الأمريكي, والذي قُتل بسبب هذا الغزو مئات الآلاف من العراقيين, شيبا وشبابا ونساءا وأطفالاً بل تم تجريب الأسلحة المخصبة باليورانيوم في قصف المدن مما تسبب في إصابة مئات الآلاف من الأطفال العراقيين بالسرطان والتشوهات الجنينية, كل هذا لكي يكون لهم موطئ قدم في حكم العراق!, كذلك التلون وانتهاز الفرص وعقد الصفقات علي حساب الآخرين من الجماعات الإسلامية, كما حدث في مصر في الثمانينات والتسعينات عندما بدأت الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في استخدام العنف في البلاد, فكان الإخوان يسارعون بعد كل عملية للتبرؤ منها واستنكارها بألفاظ في منتهي القوه والشدة, مُقدمين القرابين للنظام المصري وقتها للاعتراف بهم, والسماح لهم بحرية الحركة بإعتبارهم هم السلميين المسالمين, ثم يتغير هذا الأمر إلي180 درجه بعد سقوط مرسي فنجد رموز الجماعة الإسلامية الداعين إلي العنف والقتال يتصدرون منصة رابعة ونجد عاصم عبد الماجد يصرخ (ها أنا أري رءوساً قد أينعت وحان قطافها!), ونري طارق الزمر يزمجر (سنسحقهم) أي المخالفين للإخوان, ونجد رفاعي طه يهدد ويقول (لقد حاربنا الدولة بسبعة بنادق ونستطيع إعادة الكرّه!), ناهيك عن تهديدات صفوت حجازي وخالد الشريف وصفوت عبد الغني, مما شكل انتكاسه فكرية للجماعة وأعاد الكلام عن تاريخ الإخوان القديم وعمليات الجهاز السري بقيادة عبد الرحمن السّندي والذي اغتال الخازندار والنقراشي وتسبب في مقتل مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا, تقديس القيادات ,وازدواجية المعايير, وقضية المصلحة (وهي شرعاً ما وافق النصوص والأدلة, وليس ما وافق الهوى وتطلعات الأفراد), تحتاج للضبط والتراجع وليس المراجعة!, ونواصل بقية ما يستحق المراجعة في المقال القادم بمشيئة الله تعالي
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف