عبد القادر شهيب
لمصر .. صفحة جديدة للعلاقات المصرية الأمريكية
تكتسب الزيارة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلي واشنطن أهمية خاصة لأنها أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس مصر للعاصمة الأمريكية منذ عام 2004 وأول زيارة للرئيس السيسي شخصياً للبيت الأبيض ولذلك تأتي هذه الزيارة لتعلن طي صفحة شابها التوتر في العلاقات المصرية ـ الأمريكية سواء قبل يناير 2011 أو ما بعدها. خاصة بعد الإطاحة بحكم الإخوان الفاشي المستبد في مصر. وهو ما أغضب الإدارة الأمريكية السابقة "إدارة أوباما" ودفعها إلي تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر. بل والامتناع عن تسليم مجموعة من الطائرات المصرية التي كان يتم إجراء عمرة لها في أمريكا.. وبذلك تعد هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلي واشنطن إيذانا بفتح صفحة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية بشكل عام والعلاقات بين الحكم في مصر والإدارة الأمريكية بشكل خاص. في ظل ترحيب الرئيس الأمريكي الجديد بالانفتاح الأمريكي علي مصر. وتقديره للدور المصري في محاربة الإرهاب وحرص الرئيس المصري علي تحقيق العفو في هذه الحرب حتي يتم دحر هذا الإرهاب الوحشي نهائياً وإنقاذ ليس مصر وحدها من شروره. وإنما كل العالم.
ولعل ذلك هو سبب حالة الضيق والغضب التي انتابت الإخوان ومعهم كل من يناصبون الحكم المصري الحالي العداء ويتمنون أن ينتهي.. وهذا ما تنضح به كلمات وتصرفات هؤلاء سواء داخل مصر أو خارجها. ونلحظه ونرصده في محاولات لا تتوقف لإحباط هذه الزيارة أو علي الأقل للتقليل من النتائج التي ستتمخض عنها.. ولذلك لم يكن مصادفة أن تخرج صحيفة نيويورك تايمز قبل أسابيع قليلة وبعد أن وجه الرئيس ترامب دعوة رسمية للرئيس السيسي لزيارة واشنطن ولقائه في البيت الأبيض. لكي تطالب الرئيس الأمريكي بعدم التورط في دعم مصر ومساندة الرئيس السيسي الذي يراه ترامب مقاتلاً صلباً للمنظمات الإرهابية ويسعي للتعاون معه حتي يتم التخلص من هذا الإرهاب الذي يهدد العالم.
وهكذا تأتي هذه الزيارة في ظل مقاومة من جهات عديدة سواء داخل مصر أو في داخل أمريكا ذاتها لها.. في البداية لتأجيلها وعندما تحدد موعدها وتم الإعلان عن هذا الموعد أمريكياً لتحجيم ما سوف تسفر عنه من نتائج. حتي لا تبرأ الصفحة الجديدة في العلاقات المصرية ـ الأمريكية التي يفتحها الرئيسان المصري والأمريكي من بعض التوتر الذي شابها خلال السنوات الماضية. خاصة في الفترة الأخيرة التي أعقبت الثالث من يوليو 2013. والتي اتسمت بعدم ترحيب إدارة أوباما بما حدث في مصر عموماً وبشكل خاص بتولي عبدالفتاح السيسي رئاسة مصر.
وبدون الإغراق في رهانات كبيرة وضخمة علي نتائج هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلي واشنطن. خاصة أن تطوير العلاقات بين الدول خاصة ما بين دولة عظمي مثل أمريكا ودولة لها دورها الإقليمي مثل مصر لا يتم من خلال زيارة واحدة فقط.. بدون ذلك نستطيع أن نقول إن مجرد إتمام هذه الزيارة يعني بالفعل أن الصفحة القديمة السابقة التي شابها الكثير من التوتر في علاقات البلدين قد طويت فعلاً. حتي ولو تأثر الرئيس ترامب بتلك الضغوط ومحاولات الابتزاز التي يتعرض لها وتستهدف كبح جماح رغبة سبق أن أعرب عنها وهو مرشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية في تحسين العلاقات الأمريكية المصرية.
تلك الصفحة القديمة قد طويت بالفعل بتولي ترامب رئاسة أمريكا.. ولكن ما سيتم كتابته في الصفحة الجديدة التي نفتحها يتوقف علي ما سوف نقوم به نحن في صياغة هذه الصفحة.. وأول وأهم شيء لننجح في ذلك هو أن نفهم واشنطن والإدارة الأمريكية الجديدة أننا حريصون بالكامل علي إرادتنا المستقلة. وأننا لا نقبل التدخل في شئوننا الداخلية. وبالتالي لا نقبل بسياسات أمريكية سابقة تتبني إسقاط الأنظمة في منطقتنا من الخارج من خلال رعاية وتمويل جماعات وحركات.. وإقناع واشنطن بأن الرهان الأمريكي السابق علي تيار الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان هو رهان حر أدي في نهاية المطاف إلي زيارة وانتشار العنف في العالم كله. وبالتالي تهديد الأمن والاستقرار العالمي.
إننا نكتب صفحة جديدة في العلاقات المصرية ـ الأمريكية. ويتعين ألا نترك الأمريكان وحدهم أن ينفردوا بكتابتها.. علينا أن نكتبها معاً.