المساء
رفعت خالد
صانع القرار والرؤية السياسية
* رأيت أن ـ أخوض ـ في مقالي ـ هذا جانب هام من شخصية صناع القرار.. فمن يتولي ـ منصبا ـ قياديا ـ يحكم قراره عدد من المعايير الهامة.. منها مدي حسه السياسي.. ورؤاه وتقديره للموقف.. والآثار الايجابية أو السلبية لاتخاذ القرار.. ولقد مرت بي.. خلال عملي في مجلس الوزراء كمحرر لشئون مجلس الوزراء.. بعض المواقف أثبتت أن أسردها علي سبيل المثال لا الحصر.. أثناء رئاسة د. عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت.. كان يلتقي.. بنا مع زملائي ـ يومياً ـ في مكتبه.. عقب وصوله إلي مقر مجلس الوزراء ونزوله من سيارته نصعد معه السلم إلي مكتبه يسألنا عن واقع الشارع المصري.. وما نلمسه من خلال معايشتنا للمواطن المصري.. فكنا نقول له ما يحدث بكل صدق.. وواقعية.. وحدث يوما مشكلة ـ أزمة سكر ـ ولا يوجد سكر في المجمعات الاستهلاكية فقلنا لرئيس الوزراء.. توجد أزمة سكر فقال لنا رئيس الوزراء كيف.. والتقارير الرسمية تقول ان السلع متوافرة أمام المواطنين.. وكل شيء عال العال.. قلنا لرئيس الوزراء.. لا يوجد سكر فضغط رئيس الوزراء بيده علي الجرس فدخل أحد العاملين بالمجلس وأعطاه رئيس الوزراء ـ عشرين جنيها من جيبه ـ وقال له اشتري "2" كيلو سكر.. من أي مجمع استهلاكي.. أخذ العامل الفلوس.. وبعد فترة جاء إلي رئيس الوزراء وكنا مازلنا نجلس معه.. وقال العامل لرئيس الوزراء لا يوجد سكر في أي مجمع استهلاكي.. وهنا شعر رئيس الوزراء وأدرك ان التقارير الرسمية لا تنقل الحقيقة ولا الواقع.. في الشارع المصري.. أي ـ تقارير ـ مفبركة وأتخذ د. عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء سياسة تقوم علي التعرف علي الواقع وليس علي أساس التقارير الرسمية فحسب لذلك نجح د. عاطف صدقي كرئيس للوزراء حيث أمضي في رئاسة الوزراء أكثر فترة أي أكثر من تسعة أعوام ويعد بذلك أعلي رئيس وزراء من حيث فترة الرئاسة للمجلس.
أيضا رؤساء الوزراء السابقون د. كمال الجنزوري.. د. عاطف عبيد.. د. حازم الببلاوي.. د. عصام شرف.. ابراهيم محلب الفريق أحمد شفيق الفريق كمال حسن علي كانوا دائما يرتبطون بنا.. يستمعون لملاحظاتنا.. ننقل اليهم نبض الشارع المصري.. لذلك كانت قراراتهم باعتبارهم صانعي القرار صائبة وواقعية لكن عندما عين د. أحمد نظيف رئيسا لمجلس الوزراء اتجهنا اليه كمحررين لمجلس الوزراء لتهنئته بالمنصب عندما دخل مقر مجلس الوزراء.. لكن فوجئنا أنه قال لنا لقد عينت لكم متحدثا رسميا بدلا من اللقاء معكم وتعجبنا بالطبع لأن من سبقوه من رؤساء وزراء.. كانوا يسعدون بلقائنا والجلوس معنا.. وفي ظل هذا الغياب وعدم اللقاء مع صانع القرار ممثلا في رئيس الوزراء د. أحمد نظيف كان لدينا الكثير وما يجب ان نقوله لرئيس الوزراء خاصة وانه كانت هناك حالة ـ غليان ـ في الشارع المصري لأن صحيح ارتفع معدل النمو الاقتصادي إلي 7.6% لكن المواطن لم يحصل علي ثمار هذا النمو الاقتصادي فارتفعت نسبة الفقراء واختفاء الطبقة المتوسطة.. مع زيادة عدد الأغنياء وازدهار سطوة رأس المال ورجال الأعمال وتزاوج السلطة ورأس المال.. والنتيجة حدوث ثورة 25 يناير .2011
منذ ـ أسابيع ـ وقبل اجراء التعديل الوزاري المحدد في حكومة مهندس شريف إسماعيل.. أثار د. جلال سعيد وزير النقل في ذلك الوقت مشكلة خسائر مترو الانفاق بنحو "500" مليون جنيه.. فقلت له علي سلم مجلس الوزراء يامعالي الوزير تذكرة المترو بجنيه وهذا لا يكفي..زود تذكرة المترو جنيه لتكون التذكرة جنيهين فعدد المواطنين الذين يركبون المترو في اليوم نحو "4 ملايين" مواطن أي ـ زيادة الجنيه ـ تكون الحصيلة أربعة ملايين جنيه في اليوم أي "120" مليون جنيه في الشهر.. أي 1440 مليون جنيه في السنة أو بمعني آخر مليار و440 مليون جنيه في السنة.. وبذلك تحل مشكلة المترو.. ويحقق أرباحا ـ وتطويرا للمترو.. لكن وزير النقل د. جلال سعيد أحسست منه من ملامح وجهه أنه متردد مع غياب شجاعة القرار إلي ان جاء وزير النقل الجديد د. هشام عرفات في التعديل الوزاري الجديد وأخذ باقتراحي بزيادة جنيه لتذكرة المترو.. لتصبح جنيهين والحفاظ علي مترو الانفاق باعتباره وسيلة نقل حضارية وغير ملوثة للبيئة.
نخلص من هذا أن المطلوب هو الحس السياسي لصانع القرار والقدرة علي العطاء واتخاذ الأفضل في منظومة العمل الوطني.. وخدمة الجماهير.. وما أحلي النجاح عندما نحل المشاكل ونحقق آمال وطموحات الجماهير بالحس السياسي لدي ـ صانع القرار ـ مع ارادة التغيير إلي الأفضل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف