الجمهورية
فريد إبراهيم
"إحياء الأشهر الحرم"
كان العرب في الجاهلية من دون أن ينزل عليهم قرآن أو يأتيهم رسول أو يخوفهم الله بعذابه ـ يحترمون اتفاق حرمة القتال في الأشهر الحرم ليتسني للمتقاتلين أن يتحركوا في أمن وحرية استثنائية دون أدني شعور بالملاحقة ودون أدني شعور بالغدر والاجتراء علي الاتفاق فيحجون ويمارسون التجارة حتي كان الرجل يلتقي بقاتل أبيه أو أخيه فلا يمسه بسوء.
جاء القرآن يؤكد هذا التقليد وهذا الاتفاق ويجعل من مكة بلدا حراما من يرد فيه بإلحاد بظلم يذقه الله عذاباً أليماً بعقاب يتضاعف عما لو حدثت الجريمة في مكان آخر. كما أقر القرآن الحرمة الزمانية وهي شهر رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
ورغم اننا أصحاب القرآن.. أمة الدعوة تؤمن به وبما جاء به وبالرسول الذي حمله إلينا إلا اننا تناسينا حرمة الأشهر الحرم كما تناسينا حرمات كثيرة.. نحفظ نصوصها ولا نعمل بمعانيها وها هي الحروب الدموية والإعلامية وغيرها من وسائل الحرب الحديثة علي أشدها نحن المسلمين فيما بيننا فضلاً عن الحروب التي تشن جماعية علينا من دون أدني تقدير لحرمة الأشهر الحرم التي منها شهر رجب الذي نعيشه الآن وكأننا أصحاب من قال فيهم القرآن: "وقال الرسول يا رب إني قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا" "الآية 30 الفرقان".
كنا نظن أن تكون من توصيات القمة العربية التي كان ختامها أول أيام رجب أن تتنادي بتفعيل الأشهر الحرم كوسيلة للمراجعة في هذه الحروب التي تأكل العرب أخضراً ويابساً وتستنزف قوي المسلمين وتتحرك آليات التقارب بين الدول المتحاربة ربما يحدث ذلك المرجو من وقف النزيف البشري.
أما الأمر الثاني فيتمثل في دعوة العالم للأخذ بالفكرة الإسلامية المتمثلة في جعل العالم خلال الأشهر الأربعة الحرم زمن سلام يتوقف فيه القتال في كل أنحاء العالم أياً كان هذا القتال ليتأمل العالم ويتأمل المتقاتلون الحياة بدون قتال وبدون خوف وبدون تجارة للسلاح شديدة البشاعة ودون إراقة دماء ربما يري المتجاربون مباشرة والمتحاربون بغير مباشر العالم أجمل بدون قتال وبدون حرب.
إن مناشدة العالم ودعوته بمختلف الطرق الدبلوماسية والسياسية والإعلامية إلي الزمان الأمان "الأشهر الحرم" من شأنه في أقل تقدير أن يقدم الفكر الإسلامي الداعي إلي السلام والأمن إلي العالم وفي أحسن تقدير فإننا أمم كثيرة ستنادي بما ننادي به لعل الأمر ينتهي إلي تعظيم هذه الأشهر وإنقاذ العالم لمدة أربعة شهور من النزيف الدموي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف