الوفد
علاء عريبى
سير العدالة
بطء التقاضي في حسم قضايا الإرهاب دفع البعض إلى تبنى فكرة تصفية الإرهابيين، حيث أعلنوا عن رغبتهم فى قيام الأجهزة الأمنية بتصفية الإرهابي في موقع الحادث أو بعد القبض عليه حيا، وقد أبدى هذا الفريق ضيقه لطول فترة التقاضى وتطاول بعض الإرهابيين على هيئة المحكمة وعلى الشعب المصرى، على الطرف الآخر رفض البعض فكرة التصفية، لأنها ستمنح الأجهزة الأمنية رخصة لتصفية جميع من ينتقدهم أو ينتقد النظام الحاكم تحت زعم تبنى فكر أو سلوك أو فعل إرهابي.
وقد تلقيت العديد من الرسائل فى هذا السياق، وكانت أغلبية الرسائل تميل إلى التصفية، حيث تساءلوا: لماذا نبقى عليهم أحياء وهم يسفكون دماء أولادنا ويذبحون شبابنا ويقطعون رؤوسهم؟، لماذا نتركه حيا ونسلمه للقضاء وبعد شهور أو سنوات طويلة ينجح محاميه في الحصول على حكم بعدة سنوات.
غير خفى على أحد، أن هذه الآراء تضعنا أمام سؤال على قدر كبير من الأهمية، وهو: هل نطبق العدالة أم نعمل بالقانون؟، هل نختار العدل أم ننحاز للقانون؟، البعض لا يرى فرقا بين العدالة والقانون، إذ يعتقد أن القانون هو جوهر العدالة، البعض الآخر يميز جيدا بين العدالة والقانون، وينحاز إلى تطبيق العدالة الناجزة، إذ يرون أن بطء تنفيذ القانون فيه ظلم بيّن يضرب فكرة العدالة فى مقتل، فالحق المتأخر لا فائدة منه.
ما يهمنا أن نوضحه فى هذا المقام، أن القانون جزء من العدالة وليس كل العدالة، وأن القانون أداة من أدوات تحقيق العدالة، والعوار فى مواد القوانين يفسد فكرة تحقق العدالة، وكذلك بطء تنفيذ القوانين يبدد تحقيق العدالة.
كما يجب أن نتفق كذلك على أن العدالة لا تقام بذاتها، ولا يمكن تنفيذها بشكل عشوائي، أو تركها لكل إنسان يطبقها حسب مفهومه لها، والشريعة ذاتها لم تطلق للمواطنين تنفيذها بعيدا عن الحاكم أو ولى الأمر، لأنه قد يخطئ فى صاحب الدم ويقتل بريئا، من هنا كانت أهمية توفير شهود على الواقعة لحسم عملية الإدانة.
صحيح النظام القضائي المصري فى حاجة إلى تعديل يعمل على تحديد فترة نظر القضية، وصحيح أن بعض مواد القوانين تحتاج إلى إصلاح، وصحيح هناك بعض العيوب فى الإجراءات تعمل على طول فترة التقاضي، لكن فى النهاية لا يمكن فى دولة متحضرة أن تأخذ بمفهوم العدالة على إطلاقه بعيدا عن القوانين، لأننا بهذا المسلك قد تتحول البلاد إلى غابة يطبق فيها كل مواطن العدالة حسب فهمه، كما أننا لا يمكن كذلك أن نوافق على منح الأجهزة الأمنية رخصة لتصفية القتلة والإرهابيين لتجنب العدالة البطيئة بالمحاكم، فقط لهم أن يقوموا بتصفية من يهاجم بالسلاح القوات والمنشآت، وبالنسبة لبطء التقاضي أو تأخر العدالة فالحل يجب فى تغيير القوانين، بتحديد فترة زمنية لكل قضية، قد لا تتعدى الستة أشهر، إضافة إلى إلغاء بعض المواد التى تسمح بتعطيل المحاكمات مثل: رد المحكمة، وغياب المتهم، وتنحى هيئة المحكمة، وغيرها مما يعطل سير العدالة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف