الوفد
عباس الطرابيلى
الكهرباء.. للإنتاج.. أم للاستهلاك؟
طبقاً لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء- وهذه الأرقام والمعلومات من أهم حسنات هذا الجهاز، تحت قيادة اللواء أبوبكر الجندي- نجد أننا شعب مستهلك من الطراز الأول.. وما يجري مع قطاع الكهرباء، خير مثال!!
قالت الأرقام إن استخدامات المنازل والمساكن من الكهرباء تستهلك 44.5٪ من اجمالي الاستهلاك كله!! أي هو استهلاك بلا عائد أو أي إنتاج!! بينما استهلاك الزراعة من الكهرباء لا يتعدي 4.5٪ من اجمالي الاستهلاك.. واستهلاك القطاع الصناعي يصل إلي 26٪.. وهذا- بأي المقاييس- يمثل عبئاً علي الاقتصاد القومي.
<< فهل تدني استخدام الكهرباء- في القطاع الزراعي- يعود إلي أن الزراعة المصرية مازالت بدائية.. أي تعتمد علي القوي البشرية.. وإذا استعملت أي طاقة فهي طاقة الديزل أو السولار.. والكيروسين، أي الجاز.. سواء في عمليات رفع المياه من الترع والمساقي إلي الحقول الزراعية.. بينما يمكن أن تعمل السواقي الكبيرة بالكهرباء وتبتعد عن استخدام الحيوانات في تشغيل السواقي.. وكذلك عمليات الحصاد كلها وفصل حبات القمح والأرز والذرة.. لماذا لا نستخدم فيها الكهرباء.. وأخشي أن أقول إن استخدام الكهرباء في الزراعة مقصور علي إنارة بيوت الفلاحين.. والمقاهي للسهر حتي الفجر، أمام شاشات التليفزيون!!
<< إن كهربة القطاع الزراعي- الإنتاجي- هى ما نتحدث عنه.. وبالطبع دون تجاهل احتياجات الفلاحين الإنسانية.. ولأنني عاصرت أول مشروع لكهربة الريف عندما كان الدكتور عزت سلامة أول وزير للكهرباء في أوائل الستينيات.. كان الهدف مزدوجاً.. أي توفير الكهرباء للقري.. وأيضا لاستخدامها في الإنتاج الزراعي.. بل ولمقاومة الجريمة.. وأتذكر أن أول قرية تمت إنارتها أيامها كانت قرية درنكة التي تعيش في حضن الجبل في أسيوط.. ويومها قال لي الدكتور عزت «إذا دخلت الكهرباء من بيوت الفلاحين.. خرجت الجريمة من الشبابيك» لأن درنكة هذه عاشت أياماً رهيبة.. أيام خط الصعيد!! وللآن هناك في مصر هيئة كهرباء الريف هذه.. فماذا فعلت يا دكتور محمد شاكر؟!
<< وإذا كان نقص الكهرباء- في دمياط مثلا- أواخر الأربعينيات تسببت في نقل أكبر وأشهر مصانع لنسج الحرير في مصر، إلي حلوان، أي قريباً من محطة كهرباء جنوب القاهرة.. فإن المطلوب الآن تعظيم استخدام الكهرباء في الصناعة ومن المؤكد أن البرنامج العملاق الحالي لإنشاء محطات الكهرباء العملاقة هدفه توفير للصناعات الوليدة، بأقل الأسعار.. فإننا يجب أن نشجع المستثمرين علي إنشاء صناعات حديثة لنرفع متوسط استخدامات الصناعة من الكهرباء ولو إلي 400٪.
<< ولكن في المقابل لا بد من ترشيد استهلاك الكهرباء- في القطاع السكني- خصوصاً بعد تغير المناخ وزيادة الطلب علي تركيب أجهزة التكييف.. وهي السبب، مع استخدامات سخانات المياه الكهربية، في أن القطاع السكني يستهلك ما يقرب من نصف إنتاجنا من الكهرباء.. ولا تكفي هنا سياسة زيادة الأسعار.. بل لا بد من حملات قومية لترشيد الاستهلاك.. مع بيعها بسعر التكلفة الفعلية.. دون أي دعم.. وكفاية دلع!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف