المساء
أمين الرفاعى
قمة حياة الموقف العربي
** إذا كان من السابق لأوانه إطلاق الحكم علي نتائج القمة العربية في دورتها العادية الثامنة والعشرين التي انعقدت في البحر الميت بالمملكة الاردنية الهاشمية فإن أغلب المراقبين والمتابعين للقمم العربية خلال العقدين الماضيين يؤكدون أن القمة العربية بالاردن تعتبر واحدة من أهم القمم العربية منذ رياح الخماسين المسمومة التي هبت علي المنطقة بهدف تقسيمها وتفتيتها تحت مسمي الربيع العربي تلك الرياح التي عصفت بسيادة بعض من دول المنطقة مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق.. وجعلت منها دولاً خارج الخدمة وتحول الملايين من أبناء شعوبها إلي لاجئين في العديد من بلدان المنطقة أو الدول الأوروبية التي ضاقت ذرعاً بأعدادهم المتزايدة ووصول قطار الإرهاب إلي مدنها وذاق أبناؤها طعم الرعب والترويع.
وباعتراف كل المراقبين والمتابعين والمحللين للقمم العربية أن مصر عادت بقوة للتتبوأ مكانتها بين أشقائها العرب ولعب دورها كقوة اقليمية كبري لتعزيز العمل العربي المشترك لتمكينه من مواجهة التحديات المختلفة والوقوف أمام المخططات الخبيثة التي تستهدف تأجيج الصراعات والنزاعات.
ورغم أن نجاح القمم العربية لا يقاس بخطابات القادة العرب ولا بالبيان الختامي الذي يصدر عنها إلا أن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام قمة البحر الميت لا يمكن وصفه إلا بالخطاب التاريخي لأنه تضمن استعراضاً للجهود التي قامت وتقوم بها مصر تجاه أشقائها العرب وتحليلاً متعمقاً للتحديات التي تواجه النظام الدولي حالياً لا سيما العالمين العربي والإسلامي وفي مقدمتها التحدي الخاص بالإرهاب ومحاولات إلصاقه بالدين الإسلامي والأزمات الطاحنة التي تواجه العديد من الدول العربية والذي يذهب ضحيتها الآلاف من العرب في دول مثل سوريا واليمن وليبيا والصومال والعراق.
لقد أكد خطاب الرئيس السيسي أمام القمة علي ضرورة تعزيز العمل المشترك بين الدول العربية لتمكينها من مواجهة التحديات المختلفة والوقوف أمام المخططات التي تحاك ضدها.
كما أن القضية الفلسطينية استحوذت علي شق مهم من خطاب الرئيس السيسي أمام القمة.. وتم استعراض الجهود المهمة التي قامت وتقوم بها مصر للدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.. مع ضرورة تكثيف الجهود من أجل العمل علي خلق آليات الحوار لإعلان قيم التسامح والتعايش المشترك والمبادئ السامية للأديان السماوية.
لقد أكد الرئيس السيسي في خطابه التاريخي والمهم أمام القمة العربية الثامنة والعشرين أن العمل المشترك هو الحل الأساسي لمواجهة مختلف القضايا والازمات والتحديات.. وأعلن الرئيس السيسي أن الإرهاب يهدد حياة الملايين في الوطن العربي والعالم.. وطالب الرئيس السيسي بضرورة تعزيز الأمن القومي العربي.. كما طالب برسالة قاطعة من القمة العربية تؤكد رفض السماح لأي قوة بالتدخل في الشئون العربية بفرض الهيمنة وبسط النفوذ.
أعرب الرئيس السيسي في خطابه عن دعم مصر الكامل لجهود الأمين العام في تطوير واصلاح الجامعة العربية منوهاً إلي أن هذه الجهود تهدف إلي استعادة التنسيق بين الدول الأعضاء وتعزيز العمل العربي المشترك بما يحافظ علي وحدة صف الدول العربية التي تتشارك معا في ذات الأهداف والطموحات.
لعل من أبرز نتائج قمة البحر الميت أنها حددت أسس الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل علي قواعد تواكب تقلبات المرحلة الراهنة ومفاجآتها وكيفية مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية التي تهدد المنطقة.. وهذه خطوة ستسجل إنجازاً وبرهاناً قوياً علي صحوة طال انتظارها وحانت في لحظة حاسمة تستوجب علي العرب جميعاً اتخاذ موقف موحد أمام القضايا المهمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما يجري في سوريا وليبيا واليمن اضافة إلي الإرهاب الدموي الذي يستوطن ليبيا والعراق والصومال.
وبعيداً عن الجلسة الافتتاحية وخطابات القادة والزعماء والرؤساء العرب فإن أهم ما تحقق خلال هذه القمة هو عودة العلاقات المصرية السعودية إلي سابق قوتها ومتانتها وعهدها وهذا ما لمسه الجميع من اللقاء الثنائي بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وشقيقه خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز ودعوة كل منهما للآخر لزيارة بلده الثاني سواء بالسعودية أو مصر.
حقاً.. إنها قمة إعادة الحياة للموقف العربي.. قمة تاريخية ناجحة بكل المقاييس لأنها أعادت مفهوم الأمن القومي العربي الشامل والاتفاق علي محاربة الإرهاب ورفض التدخل الخارجي في شئون الدول العربية.
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف