مؤمن الهباء
شهادة .. الحكومة والبرلمان والفشل
انتفض عدد من أعضاء مجلس النواب ثائرين ضد وزير النقل ورئيس شركة مترو الأنفاق بسبب رفع تذكرة المترو بدون موافقة المجلس.. وهدد أحدهم بالاستقالة.. واتهم آخر الوزير بالخداع لأنه نفي أية معلومات عن الزيادة.. كما أكد رئيس الوزراء ان الزيادة لاتزال تحت الدراسة.. ثم فوجئنا بالقرار.
قال النائب: طيب احنا نشتغل معاكم ازاي إذا كان مفيش شفافية؟! وانتقد ما قاله الوزير في اجتماع سابق بالمجلس "أنا مسير ولست مخير".. بينما قال وزير سابق ردا علي انتقادات مماثلة لقرار زيادة سعر الزيت والسكر: أنا مجرد تلميذ في مدرسة بها مدرس وناظر.
رغم ان زيادة سعر تذكرة المترو تعد أهون الزيادات التي فاجأتنا بها الحكومة مؤخرا إلا ان نبرة النواب كانت عالية هذه المرة.. واتهم بعضهم وزير النقل بمحاولة توريطهم معه في قرار رفع التذكرة لحرقهم سياسيا في الشارع وعند الناخبين.
وقد اختلف النواب في توصيف ما حدث.. البعض اعتبر ان رفع التذكرة دون موافقة مجلس النواب يدل علي فشل ذريع للحكومة بأكملها وليس لوزير النقل فقط.. بينما أسند البعض الآخر هذا الفشل إلي مجلس النواب نفسه الذي لم يمارس اختصاصاته الدستورية جيدا.. ولم يلزم الحكومة بالرجوع إليه في القرارات التي تمس المصلحة العامة.. بل كان موافقا ومساندا لها علي طول الخط.. مما تسبب في فقد ثقة المواطن في المجلس ودوره.
النائب سامح السايح الذي هدد بالاستقالة كان صريحا حين قال: الوزير حرقنا كنواب في الشارع وفضحنا قدام اللي انتخبونا.. وأصبحنا بلا قيمة رغم أننا ثاني سلطة بعد رئاسة الجمهورية.. أنا ألوم رئيس المجلس لأننا لو شدينا علي الحكومة من البداية ماكانتش الأمور وصلت لكده.
أما النائب وحيد قرقر فقال: احنا انضحك علينا وتم التغرير بنا وتمت اهانتنا.. وأكد النائب هشام عبدالواحد ان وزير النقل استخدم لجنة النقل والمواصلات بالمجلس كمحلل لتمرير زيادة سعر التذكرة وهذا أشعرنا بالحرج أمام من انتخبونا.
قلت في بداية المقال ان زيادة سعر تذكرة المترو التي ثار بسببها النواب تعد أهون الزيادات التي فاجأتنا بها الحكومة.. وأهون الصدمات التي صدمتنا بها دون ان يتحرك مجلس النواب ويمارس اختصاصاته.. صحيح ان زيادة ثمن التذكرة تشكل عبئا علي الأسر التي تستخدم المترو والتي يمثل الجنيه رقما مهما في ميزانياتها المحدودة.. لكن بالقياس مع الكوارث التي حدثت من قبل ولم يتحرك فيها البرلمان لا تمثل شيئا.. ولو كان المجلس قد وقف من البداية مدافعا عن حقه الدستوري في الرقابة والتشريع لما وصلنا إلي هذه المرحلة.
لم ينتفض المجلس عندما وقع رئيس الوزراء اتفاقية تيران وصنافير مع ولي ولي العهد السعودي دون أي ترتيب أو استشارة أو رجوع إلي مجلس النواب رغم خطورة ما تضمنته هذه الاتفاقية.. ولم ينتفض النواب حين فاجأتنا الحكومة بقرار تعويم الجنيه ورفع أسعار البنزين والمحروقات ذات ليلة دون العرض علي المجلس وكأنه غير موجود.. ولم نسمع غير أصوات اعتراض هامسة وخافتة عندما تم إجراء التعديل الوزاري الأخير دون العرض أيضا علي المجلس واستشارته كما يقضي الدستور.. لكن لم ينتفض النواب مثل انتفاضتهم ضد رفع تذكرة المترو.. رغم خطورة التعديل الوزاري قياسا بارتفاع ثمن التذكرة.
وهل أخذت الحكومة رأي المجلس أو أعلمته قبل ان تحصل علي القروض الضخمة التي حصلت عليها وأولها بالطبع قرض صندوق النقد 12 مليار دولار والقرض الروسي المزمع لإقامة المحطة النووية بالضبعة 25 مليار دولار ستكون كلها عبئا علي الأجيال القادمة وستظل تقيد ميزانية الدولة بالعجز الدائم؟!
هل استيقظ النواب عندما جأر الشعب بالشكوي عدة مرات من رفع فواتير الغاز والكهرباء والمياه والضرائب والزيت والسكر والأرز؟!
بالعكس.. فاجأنا المجلس هو الآخر بالموافقة علي 3 قوانين دفعة واحدة كما أرادتها الحكومة: قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية المثير للجدل وتعديل قانون التظاهر واتفاقية قرض صندوق النقد.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.