الجمهورية
صفوت عمران
كلام في سرك .. بص العصفورة
يقول الكاتب الامريكي الشهير ناعوم تشومسكي في كتابه ¢أسلحة صامتة من أجل حروب هادئة¢ ان استراتجية الالهاء واحدة من 10 طرق لخداع الجماهير تقوم علي التحكم بالمجتمعات . وهي تتمثل في تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الهامة والتغييرات التي تقررها النخب السياسية والإقتصادية. ويتم ذلك عبر وابل متواصل من الإلهات والمعلومات التافهة. وهي استراتيجية ضرورية لمنع العامة من الإهتمام بالمعارف الضرورية في ميادين مثل العلوم. الاقتصاد. علم النفس. بيولوجيا الأعصاب وعلم الحواسيب. حافظ علي تشتت اهتمامات العامة. بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية. واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية عملا بمنطق ¢اجعل الشعب منشغلا . منشغلا. منشغلا . دون أن يكون له أي وقت للتفكير. وحتي يعود للضيعة مع بقية الحيوانات¢. وهو ما يلخصه تعبير العامية المصرية ¢بص العصفورة¢ في اشارة الي سياسة الالهاء .
الواقع ان ¢سياسة إلهاء الشعوب¢ علم وليس مجرد اجتهاد بشري. يتم تدريسه علي المستويين الأكاديمي والسياسي لرجال الأمن وصانعي القرارات عبر اجهزة المعلومات في كل بلد حيث تقوم علي ابتكار مشكلة أو موقف لإثارة رد فعل معين عند الناس بحيث يندفع الجمهور مطالبا بحل يرضيه مثل السماح بوجود جماعات إرهابية من اجل فرض قوانيين للأمن العام ولو حتي علي حساب حرية الآخرين. او خلق أزمة اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحد الأدني من الحقوق الإنسانية وتفكيك بعض الخدمات العامة الحيوية. أو نشر شائعات متكررة تفقد الشعوب القدرة علي المطالبة بحقوقها الاساسية. فلا برنامج سما المصري الديني. ولا رقص مني عبدالناصر في فرح ابنها وغيرها العشرات الشائعات الا خطوات علي طريق الهاء الشعب.
الحقيقة ان إستراتيجية الإلهاء تتخذ نفس الاهداف بهدف الابقاء علي نظام الحكم حتي لو علي حساب الشعوب. بداية من الحديث عن ان البلد مستهدفا مرورا بوجود الطابور الخامس والقلة المندسة واصحاب الاجندات الاجنبية والتخريبية وجماعات الارهاب الممولة من الخارج وصولا الي خلق المعارك والازمات الوهمية يعيش الشعب المصري واقعا مريرا ومسرحية هزلية تتكرر بنفس الكومبارس وذات الروايات الضعيفة والمهلهة والمملة بهدف جعلنا قابعين في دائرة مفرغة لا مفر منها. دائرة ارهقت قوتنا واهدرت طاقاتنا واضاعة علينا عقودا طويلة من العمل والانتاج. وسمحت بنهب ثرواتنا ومازالت وكأنهم يريدون ان نفقد الثقة في انفسنا وان نستسلم للمشروع الامبريالي الغربي بينما نحن نملك مصادر قوة لو اديرت بالعدل لاصبحنا الدولة رقم واحد في العالم.
اخيرا نحن في حاجة الي ثورة حقيقية ليست تكرار لثورتي 25 يناير و30 يونيو. انما نحتاج الي ثورة تمنع خداع الشعب المصري. تعترف بعدم وجود رغبة حقيقية في القضاء علي الارهاب الذي يحصد يوميا ارواح ابناء الوطن. وان هناك من يستفيد من بقاء الارهاب بخلاف الجماعات الارهابية والمتطرفة. سعيا في السلطة والحكم. وان شبكة الفساد أصبحت اقوي من السلطة التي يتحالف الكثير من رجالها مع الفاسدين انفسهم. علينا التوقف فورا عن السعي الي السيطرة علي الشعب اكثر من العمل علي بناء قدراته واستثمار خبراته. علينا الكف عن السعي الي تدجين المجتمع املا في سلطة زائلة. وحكم غير دائم. وعمر حتما سوف ينتهي يوما ما.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف