المصريون
محمد رسلان
هيئة مفوضي الدولة... والخرافة الصحراوية (2)
الحجامة أو (الخرافة الصحراوية) كما لمح لها الزميل الطبيب في مقاله : http://www.elwatannews.com/news/details/1950812
لم(تحنط) ولم تدخل لا متحف الفنون ولا متحف العلوم، الحجامة وردت في الدين نعم وردت في الدين، ولكن هل هي دين؟ بمعنى دين يُتعبد بفعله؟
هنا لغط وسوء فهم والفارق لا يكاد يُرى؛ لأن الفهم الصحيح لـ(لحجامة) المذكورة في النبوة وليست (الخرافة الصحراوية) التي يعنيها الزميل، يعتمد على الإيمان وعدمه، فالمؤمن كل حياته عبادة (حتى النوم مع أهله) وأعتقد أن السادة المستشارين أخذوا برأي تركها حتى تنجلي عنها غبار الصحراء التي يثيره المشككون.
على كل حال، السؤال واضح هل الحجامة سُنّة نبوية يُتعبد بفعلها؟
الإجابة: من ناحية كونها سُنّة فهي سُنّة (كون النبي فعلها) ولكن هل يُتعبد بِفعلها، فلا وألف لا .......!
إذن كيف ننظر لها ولماذا وردت في النبوة؟ وما الحكمة من ذلك ؟ وكيف نوقف الدجل والشعوذة والكذب على المرضى واستغلال حاجتهم (للشفاء والعلاج ) واستجلاب عاطفتهم الدينية؟
هذا ما يجب أن يعرفه ويفهمه الجميع بمن فيهم (الأطباء والمرضى وذويهم، وهيئة مفوضي الدولة وهيئة القضاء الإداري، والسادة القضاة والنائب العام وسلك النيابة العامة، والإعلاميين ومسؤولي وزارة الصحة، والهيئات الرقابية في كل الوطن العربي) وليس الأمر يخص بلد عربي أو قطر من الأقطار فالموضوع عالمي، ولن ننسعى أبطال الألعاب الأولمبية.
ومن هنا كانت أهمية أن يعطى (للحجامة) حقها الطبيعي من الفكر والفهم، ناهيك عن البحث والتعلم والتطبيق في أماكن مخصصة لذلك بعيدًا عن الدجل والشعوذة وعيادات بير السلم.
الحجامة من النظرة الطبية لم تتغير بشكل جذري منذ أن كانت قبل عهد النبوة ... إلى عهد النبوة .... إلى العصر الذي نعيش فيه، فالحجامة كان يُنظر لها على أنها تُخرج ( الدم الفاسد) حيث كانت نظرية الأخلاط الأربعة هي السائدة في المجال الطبي، وأن الدم أحد هذه الأخلاط، وكذا النظرية الوحدوية للمرض، وأن التخلص من الدم يتم التخلص من المرض العالق به. هذه فلسفات قديمة لا يؤخذ بها على وجه الإطلاق الآن.
إذن فما فلسفة العلاج بها في زماننا المعاصر ؟
من المعروف لدى الأطباء والمتخصصين أن هناك بعض الحالات المرضية التي تحتاج للعلاج (بالنزف) وفي هذه الحالة إما يتبرع المريض بالدم، وهي طريقة مثل (الفصد) في الأزمنة الغابرة أو يعمل حجامة.
أيهما أصح وأيهما يفيد المريض بشكل أفضل...... كل حالة مرضية تحتاج لبحث منفصل وقرار منفرد مبني على قواعد وأصول متبعة لا تختلف عن (الإيفدنس باس المتبع في الممارسات العلاجية المختلفة الآن).
لم تتغير إذن (الحجامة) بشكل جذري ومذهل (كالجراحات التي تحولت إلى الجراحات التنظيرية) فلم يعد هناك فتح لبطن المريض مثلًا، وككثير من الأمراض التي أصبحت تعالج بالأدوية بديل عن العمليات الجراحية (الكبرى) مثل علاج قرحة المعدة والاثني عشر.
والحجامة طريقة علاجية لا تُدرس في كليات الطب؛ لأنها ممارسة فقط مثلها مثل كثير من الممارسات العلاجية التي من الممكن أن يكتسبها الأطباء بعد التخرج ، مثل كيفية إعطاء المريض حقنة ( عضل أو وريد). ومثل العمليات الجراحية فهناك عمليات يجريها طبيب الامتياز، وأخرى لا يجريها إلا بعد حصوله على الدكتوراه.
الطب مهنة وصناعة مُعقدة ومُتشعبة ومُتجددة ووضعها في الدين أو وضع الدين فيها أمر في غاية الخطورة؛ لأن الاستغلال الديني للمريض أسوأ من الإستعلال الديني في اليساسة، ولذا فقد ألفت بحث سميته (البحث القيم فيما كتب ابن القيم في الطب والنبوة ) وفيه إجابة على كل الأسئلة التي تدور في خلجات ونفس أي إنسان أو مسؤول، واستجلاء لعلاقة الطب بالدين وشرح الفهم الصحيح لما ورد في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في بعض مسائل الطب.
ولذا ومن هذا المنبر أرسل للطبيب صاحب (الخرافة الصحراوية ) والذي ذكر مع الإعلامي عمرو أديب يومًا ما، وقال إن تعريف الحجامة: (جرح عمدي غير طبي غير قانوني) أن يقبل بعمل مناظرة معي (الطبيب الأزهري) حول العلاج بالحجامة، بحيث يديرها الإعلامي عمرو نفسه، وفي ذات المكان الذي ذُكِرتْ فيه الحجامة من قبل وفي ذات موعد البرنامج ولكن في الفترة من (8 أبريل إلى 14 أبريل الجاري) فهذه إجازتي لــ(مصر ) والتواصل عبر مسؤولوا موقع المصريون أو الإيميل .

د. محمد رسلان
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف