بالطبع نحن لا نعرف كل ما تعرفه الحكومة.
ايضا فليس من حقنا ان نطالب بمعرفة كل ما تعرفه الحكومة.
سياسة الشفافية والمصارحة مطلوبة وخاصة في الأمور التي لا يوجد خطر في ان تشارع ويعرفها كل الناس لكنها غير ذلك في أمور أخري كثيرة تتعلق بأسرار الدولة أو كما درجنا علي القول انها تتعلق بأمن الدولة.
يخطئ تماما كل من يعتقد ان من حقه معرفة كل شيء وان الحرية والشفافية تعني ان تصبح كل أوراق الدولة »سداح مداح».
غير ان التوسع في استخدام حق معرفة الناس أو التضييق في ذلك أمور تستوجب إعادة النظر. لقد افرزت نكبة ٢٥ يناير مفهوما جديداً وغريبا وشاذاً وهو الحرية غير المسئولة.
الحرية غير المسئولة جعلت الناس يعتقدون ان من حقهم تجاوز ما نسميه بالخطوط الحمراء وهي ثقافة وليدة حالة الفوضي والانفلات والسقوط المريع لهيبة الدولة بعد ٢٥ يناير والتي لاتزال بعض معالمها وممارساتها موجودة حتي اليوم وان كانت قد قلت كثيرا. لكن بدء اختفاء ثقافة الفوضي صاحبة ثقافة أخري اشد خطرا وهي ثقافة اللامبالاة وفقدان الأمل.
الناس تعيش اليوم حالة غريبة لا أجد كلمة تعبر عنها سوي انها حالة من التناحة وعدم اللامبالاة أو الاهتمام والانفصال الكامل عما تقوم به الحكومة وعدم الاحساس بانه لا يوجد شيء يتحقق.
ليس من قبيل المبالغة ان اقول ان الحكومة نجحت تماما في تنمية هذه الحالة لتقطع كل حبال الوصل والثقة مع المواطنين.
الناس تتعامل مع الدولة اليوم بمنطق ومفهوم »اسمع كلامك اصدقك.. اشوف أمورك استعجب» ورغم معرفتي الكاملة بالاوضاع السيئة التي يعيشها الاقتصاد المصري إلا انني مازلت أتمسك بان الامل الحقيقي في الخروج من حالة الكآبة والملل وعدم الثقة هو سرعة إعادة ترتيب الاولويات.
الانجاز لا يصبح انجازا الا بقدر احساس الناس بثماره المباشرة وهي مرحلة مطلوبة قد تساهم في بناء جسور ثقة مفقودة.