قطاع العلاقات الثقافية الخارجية من القطاعات النشطة في وزارة الثقافة، فهو همزة الوصل بيننا وبين دول العالم في مجال الثقافة، لكني أود أن أقدم مقترحاً أظنه يفيد في تطوير أعماله. والمقترح باختصار هو إنشاء ثلاثة مراكز ثقافية تهدف إلي جعل النشاط الثقافي وسيلة لاجتذاب الكتاب والفنانين المؤثرين في الرأي العام لبلدانهم إلي مصر، خصوصاً في المناطق التي تمثل أهمية استراتيجية لمصالحنا، كما تهدف إلي نشر ثقافتنا بين مثقفي الدول الأخري، والتعرف علي ثقافة الآخرين، خصوصاً ثقافة الشرق الذي أري أن المستقبل سيكون له. وهذه المراكز هي :
1- مركز الثقافة الأفريقية بأسوان
لقد أثبتت الأحداث في الفترة الأخيرة أننا غبنا عن أفريقيا كثيراً، وخصوصاً عن دول حوض النيل، التي ظهر لنا بوضوح مدي تغير موقفها منا عند التوقيع علي اتفاقية عنتيبي، لذلك أقترح أن تكون الثقافة جسراً بيننا وبين الدول الأفريقية، وأن ننشئ هذا المركز الثقافي ليكون وسيلة للتواصل بين المثقفين والمبدعين المصريين وأقرانهم الأفارقة.
2- مركز ثقافة البحر المتوسط بالإسكندرية
وهذا المركز يجب أن يهتم بالربط الثقافي بيننا وبين الدول الأوربية المطلة علي المتوسط، ودول شمال أفريقيا، وشرق المتوسط، فمصر لم تنهض في العصر الحديث إلا من خلال علاقاتها مع الدول الأوربية المتوسطية، خصوصاً فرنسا وإيطاليا، كما أن علاقاتها التاريخية بأسبانيا واليونان وقبرص تمثل جزءا مهماً من ماضينا وحاضرنا، خصوصاً بعد اكتشافات الغاز الأخيرة.
3- مركز الثقافة الآسيوية
ويكون مقر هذا المركز في الجزء الآسيوي من مصر، أي في سيناء، وبالتحديد في شرم الشيخ، ويهتم بالعمل الثقافي المشترك مع دول جنوب شرق آسيا، والدول الإسلامية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، ودول الخليج، وبقية الدول الآسيوية. علي أن ندرك أن موازين القوي العالمية في المستقبل ستتجه شرقاً نحو الصين والهند وغيرهما.
تختص هذه المراكز بتنظيم معارض تشكيلية، وأسابيع للعروض السينمائية، ومهرجانات مسرحية وفنون شعبية للبلاد المعنية التي يهتم بها كل مركز، واستضافة كتاب من هذه الدول، والتنسيق مع المركز القومي للترجمة لترشيح بعض الأعمال من هذه البلاد لترجمتها، وعقد مؤتمرات أدبية وفنية وسياسية واقتصادية حول القضايا المهمة المشتركة. كما يتم التنسيق بين مركز الثقافة الأفريقية وبين مهرجان السينما بالأقصر. وربما تكون هناك أنشطة مختلفة لأحد المراكز نتيجة ظروف معينة للدول التي يهتم بالتعاون معها، وعلي سبيل المثال فإن الدول الأفريقية تعاني من أزمة نشر، لذلك قد يضم مركز الثقافة الأفريقية نشاط النشر نظراً للحاجة الماسة إليه.
وأري أن تدار هذه المراكز من خلال مجالس إدارة يكون نصفها من المثقفين والمتخصصين المصريين والنصف الآخر من الدول المعنية بنشاط كل مركز، وأن تستعين هذه المراكز بالمتخصصين من جامعاتنا ومراكزنا العلمية، فيستعين مركز الثقافة الأفريقية مثلاً بمتخصصين من معهد الدراسات الأفريقية، ويستعين مركز الدراسات الآسيوية بجامعة قناة السويس وجامعة الزقازيق لوجود مركز مختص بالحضارات الآسيوية بها. وكذلك مركز ثقافة البحر المتوسط يمكنه أن يستعين بجامعة الإسكندرية.
ومن الضروري ألا تخضع العمالة التي ستعمل بهذه المراكز للواسطة، وألا تعامل معاملة الموظفين الحكوميين. وأن تتم الاستفادة من تجربة مكتبة الإسكندرية فيما يتعلق باختيار العاملين والتعاقد معهم ومكافآتهم. وأري أن يكون الإنفاق علي هذه المراكز مشتركاً بين وزارتي الثقافة والخارجية، ويمكن أن يساهم رجال الأعمال أصحاب المصالح في نطاق عمل كل مركز في التمويل. كما يمكن أن تشارك بعض الدول المعنية في التكلفة.
ولا تمثل مقرات هذه المراكز مشكلة، ففي أسوان لدينا أكثر من قصر ثقافة، يمكن تخصيص أحدها للمركز، أما في الإسكندرية فمركز الإبداع هو أنسب الأماكن، وفي شرم الشيخ يمكن التنسيق مع المحافظة لتخصيص مبني مناسب.
إن الثقافة لم تعد عملاً ترفيهياً ولا تكميلياً في هذا العصر، لذلك يجب أن نطور أساليب عملنا الثقافي لخدمة أهدافنا القومية.