سكينة فؤاد
عن زيارة الرئيس... والتقصير الحكومى!!
لا أظن أن هناك من لا يدرك قيمة وأهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للبيت الأبيض في هذا التوقيت وبعدما كادت حلقات التآمر والتقسيم والتدمير لأغلب الدول الوطنية تكتمل وتتداحل قوي اقليمية ودولية لتسحق إرادة شعوبها وتضيف الملايين من اللاجئين السوريين والعراقيين للاجئين الفلسطينيين وتسكنهم المخيمات بدلا من مدنهم العظيمة والتاريخية، ويتمدد سرطان الاستيطان الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة.. والأمل كبير أن تتبلور وتتأكد إرادة الادارة الأمريكية الجديدة والرئيس ترامب في تحقيق المصالح الأمريكية من خلال تصحيح للمعادلات التي انقلبت وللخطايا التي ارتكبتها إدارة أوباما وكلينتون ووكلاؤهم وأوادتهم من الجماعات الارهابية والقوي الاقليمية والدولية الداعمة والممولة للإرهاب.
> يدخل الرئيس السيسي البيت الأبيض رافعا راية حضارة مصرية عظيمة لها مكانتها لدي الشعب الأمريكي ـ وكانت وستظل القلب النابض لأمتها ـ وبعد أن قدم في قمة عمان خطابا شاملا وجامعا للأزمات التي فرضت عليها والالتزام التاريخي لمصر بها، وقضية فلسطين في المقدمة منها، وبعد أن أعلن للدنيا أن مصير الشعوب العربية لن يكون إلا بأيدي أبنهائها وأنها قادرة ورغم كل ما تعرضت له من مخططات ومؤامرات دولية واقليمية أن تلملم جراحها وتوحد صفوفها.. أيضا يدخل الرئيس السيسي البيت الأبيض ولديه قراءة متكاملة وعميقة بأدق تفاصيل ما يحدث في المنطقة والجوار الذي يحاول السيطرة والصراع الدولي وآلياته وأدواته من جماعات ارهابية متطرفة ـ وما لدي الرئيس الأمريكي من تطلعات لمصالح بلاده في استعادة العالم العربي والشرق الأوسط لاستقراره، والدور المحوري الذي تمثله مصر في تحقيق الاستقرار وفي الحرب علي الارهاب. وفي فهم واضح أعلنه الرئيس ترامب أثناء حملته الانتخابية لاسترداد المصريين لثورتهم في 30/6، وكيف دعمها جيشهم وبما أدي إلي ايقاف استكمال خطط العنف الخلاق في المنطقة ومخطط الاخوان لاسقاط الدولة الوطنية في مصر والحاقها بما حدث لأغلب دول المنطقة ولاشك أن ما يقال عن سعي الاخوان للتظاهر ضد زيارة الرئيس في واشنطن سيزيد وضوح هويتهم الارهابية ضد مصر، وضد أمن واستقرار شعوب المنطقة!!أثق أن المتغيرات في الادارة الأمريكية والرؤي والمصالح المختلفة عن الادارة السابقة والفهم لما حدث ويحدث في مصر، والتقدير لما تحققه بجيشها وشرطتها في الحرب علي الارهاب الذي يتهدد المجتمع الانساني بأكمله ستؤكد أن دعم مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا دعم لجميع الأدوار والمسئوليات التي التزمت بها كصانعة للتاريخ والحضارة وداعمة لاستقلال واستقرار أمتها عبر تاريخها الطويل والعميق.
وسط التحديات الخارجية والأهمية التي يمثلها سلامة قلب مصر من الداخل لماذا أحس بكثير من الاستهانة واللامبالاة يتعامل بهما وزراء ومسئولون مع لحظات من أخطر ما واجهت مصر وتستدعي من الأمناء عليها أعلي درجات الجدية والمسئولية ومحاسبة من يُحملُون الملايين المثقلة بالأعباء والأزمات مزيدا فوق ما يتحملون من ميراث عشرات السنين من الاهمال والفساد والإفساد، في الوقت الذي تغيب فيه اجابات وافية بأسباب ما يستجد بحياتهم من مخاطر وتهديدات كأن هناك إنكارا لحقهم في أن يعرفوا ويفهموا ويطمئنوا..!! والأمثلة لا حصر لها.. الوجبة المدرسية وأسباب ما تعرض له آلاف الطلبة ولماذا أرجىء اعادة تقديمها إلي العام المقبل رغم ما تعنيه هذه الوجبة لجموع عريضة من أبنائنا والمراجعات التي يجب أن تتم لقيمتها الغذائية ولأوجه انفاق الميزانيات الضخمة التي ترصد لها ومستويات المصانع وجودة التصنيع وأنظمة الرقابة؟!!! ثم ما انتشر بين المواطنين من ذعر بسبب ما قيل إنه فيروس غامض؟!!! ثم مأساة أو ملهاة ما قيل انه اكتشاف بالصدفة لمصنع لألبان الأطفال والتي يريد أن يحولها وزير الصحة إلي بطولة بينما هي تقتضي المساءلة والمحاسبة عما عاشته آلاف الأمهات والأطفال منذ شهور قليلة بسبب عدم وجود ما يحتاج إليه الرضع من ألبان وتضطر مصر إلي استيراده بالعملة الصعبة. وأن حجم الاستيراد يصل إلي 1/4 مليار دولار، بينما يوجد علي أرض مصر مصنع ـ تشارك فيه الدولة ينتج ما يغطي الاستهلاك المحلي والتصدير الذي قيل إنه يذهب إلي أكثر الدول الأوروبية تقدما، وزارته وأشادت به المستشارة الألمانية ورئيس النمسا!! والسؤال الذي يفرض نفسه.. لماذا لم يتقدم المصنع بعرض ما يستطيعه من انقاذ السوق المحلية؟! وتأتي الاجابة المدهشة في بيان لاتحاد الصناعات المصرية أن رئيسه محمد السويدي سبق أن عرض مبادرة من جانب الشركة علي المهندس شريف اسماعيل ـ رئيس الوزراء وطارق قابيل وزير التجارة والصناعة بهدف تغطية احتياجات السوق المحلية من ألبان الأطفال خلال الأزمة الطاحنة التي شهدتها البلاد في أغسطس وسبتمبر من العام الماضي ـ وبدورهما أي رئيس الوزراء ووزير التجارة والصناعة نقلا العرض إلي وزير الصحة ـ ولم يتم الرد!!!! لذا فوجيء الاتحاد أيضا بالتصريح «الغريب» الصادر عن الوزير بأنه فوجيء بوجود المصنع!!!
ألا يعني ما جاء في بيان اتحاد الصناعات المصرية عدم صحة ادعاء وزير الصحة بأنه كان لا يعرف بوجود المصنع بل وأيضا أن رئيس الوزراء ووزير التجارة والصناعة كانا يعرفان بوجوده أثناء الأزمة التي عاشتها آلاف الأمهات والرضع!! بل يضيف د.محمد العماري رئىس لجنة الصحة بمجلس النواب ـ أن اللجنة أثارت أمر المصنع وطالبت بإعادة التشغيل للمساهمة في الطاقة الانتاجية!!!
> ألم يكن الأمر يستوجب بيانا من الحكومة تجلي حقيقة الأمر وتفصل بين الحقائق والأكاذيب والادعاءات وتعترف وتعتذر عن التقصير وتطمئن المصريين علي سلامة الأنظمة والأساليب التي تدار بها ما تمتلك بلادهم من امكانات وثروات طبيعية ومصانع ومؤسسات انتاجية وأن هناك محاسبات ومراجعات جادة لكل مسئول يتهاون في ادارتها واستثمارها وتعظيم انتاجيتها ومعالجة مشكلاتها.. هل يحتمل المصريون في هذه اللحظات المصيرية من تاريخهم مثل هذا الفشل أو العجز أو الفساد في الادارة بينما يعرفون جيدا أن بلادهم تمتليء بالثروات والامكانات والطاقات المهدرة والخبرات والمهارات البشرية التي يتم اقصاؤها واستبعادها؟!!!
وألا تستدعي مأساة أو ملهاة مصنع ألبان الأطفال الذي عثر عليه وزير الصحة بالصدفة أن يقوم رئيس الوزراء بدعوة كل وزير للقيام بعمليات جرد وتوثيقها لكل ما يتبع وزارته من مؤسسات ومنشآت بالقطع تستطع أن تشارك في حل أو تخفيف الأزمات التي تجرف وسطها الملايين ـ وأيضا أن يقوم كل محافظ بنفس عمليات الجرد الموثقة بكل ما لدي محافظته من مؤسسات انتاجية ورءوس أموال طبيعية وبشرية تُعين في تخفيف الاحتقان الشعبي وعدم انتظار أو ادعاء المصادفات الكاشفة عن ثرواتنا ورءوس أموالنا المتوافرة التي من المؤكد ستكشف الأيام عن الكثير من الضائع والمهدر أو المخفي بأوامر أصحاب المصالح وفي مقدمتهم مافيا الاستيراد!!