الجمهورية
اللواء د. محسن الفحام
يــوم الطفــل المصــري
يأتي علينا يوم الجمعة القادم حاملاً معه موعد الاحتفال ¢بيوم اليتيم¢ والذي سبق ان أشرنا في ذات المناسبة الأعوام السابقة انه أصبح يوماً تحاول فيه بعض الشخصيات العامة او من انحسرت عنهم الأضواء او رجال الاعمال الذين يحاولون تحسين صورتهم امام الراي العام المسارعة للمشاركة في احتفالات صورية سرعان ما تنتهي بانتهاء اليوم وتعود الابتسامة الحزينة الي وجوه أطفالنا الايتام.
ولكنني اليوم احمل لحضراتكم رسالة حقيقية من واقع بعض تلك الديار التي بلغ عددها في اخر إحصائية ما يربو علي 30 ألف دار تضم بين جدرانها حوالي نصف مليون طفل.. بينما هناك ضعف هذا العدد منهم من اطفال الشوارع لا يحظون بأي رعاية او اهتمام.
لقد أصبحت بعض دور الايتام تعاني من ضعف الاشراف والرقابة... بل والقهر احياناً وذلك حينما نسمع عن هؤلاء المشرفين الذين يعاقبون أطفالهم بالكي علي أجسادهم وبالضرب والاهانة... احمل اليكم أصواتهم الرافضة ان يكونوا مجرد وسيلة للاستجداء او طلب التبرعات والهبات...
انني ومن خلال اقترابي من اليتيم الذي كرمه الله سبحانه وتعالي 23 مرة في كتابه الكريم ورسوله المصطفي في أحاديثه عن كفالة اليتيم أري ضرورة إعادة النظر في العديد من دور الرعاية والتي أصبحت وبحق تستحق الاغلاق نتيجة غياب الضمير والرقابة الفعالة لدرجة ان هناك عدة ديار للأيتام بمناطق النزهة والتجمع الخامس والجيزة تستغل أطفالهم للعمل في المزارع او المصانع التي يمتلكها أصحابها..
ان العيد الحقيقي لهؤلاء الايتام هو يوم ان نجعلهم ينعمون بحاضرهم ويطمئنون علي مستقبلهم من خلال برامج موحدة ومحددة تلتزم بها جميع دور الايتام... تماماً مثل المناهج التعليمية في المدارس المختلفة...نحن لمسنا مؤخراً اهتماماً حقيقياً من وزارة التضامن الاجتماعي... بل وهيئة الرقابة الإدارية في متابعة ومراقبة ما تيسر من تلك الديار... وهي قليل من كثير...
ومن هذا المنطلق فإنني اطرح بعض الأفكار والاقتراحات لعلها تجد من يطلع عليها ويقتنع بها او علي الأقل يفكر فيها...
1- ضرورة توحيد الشروط الواجب توافرها لفتح دار للأيتام تتوافر فيها معايير الجودة الشاملة المتعلقة بهذا الموضوع من مسكن ملائم - غذاء صحي - ميزانية محددة لا تعتمد علي العطايا والهبات ¢سبوبة¢ علي ان تخضع للإشراف المالي من جهات الاختصاص بشكل دوري ثابت.
2- إلزام دور الايتام بتعليم الأطفال حتي المرحلة الثانوية او ما يعادلها من تعليم فني صناعي او زراعي والتنسيق مع الوزارات المختلفة لإيجاد فرص عمل لهم فور انتهائهم من تلك الدراسة ما لم يلتحقوا بالتعليم الجامعي... والا سوف يكون هؤلاء ذخيرة مناسبة للانضمام للجماعات الإرهابية او الاجرامية او أبناء الشوارع.
3- ضرورة التنسيق مع بنك الإسكان والتعمير لفتح حسابات لهم - وهناك أكثر من دار للأيتام قامت بهذا فعلاً يتم فيها إيداع التبرعات لشراء شقق سكنية مناسبة ليستكملوا حياتهم الطبيعية من عمل وزواج وتربية أطفالهم في مناخ صحي وملائم.
4-ضرورة اخضاع المشرفين علي دور الأيتام لدورات تدريبية متخصصة وعدم الاكتفاء بكونهم خريجي معاهد او كليات للخدمة الاجتماعية فالممارسة العملية تختلف تماماً عن الدراسة النظرية.
5- وأخيراً - وليس آخراً - ومع احترامي وتقديري الكامل للمعني الإنساني لليتيم وأكرمهم ¢رسول الله صلي الله عليه وسلم¢ والاحساس به ... الا انه نظراً للمعطيات التي اشرت اليها أتمني أن نعيد النظر في تسمية هذا اليوم من ¢يوم اليتيم¢ بعدما اصبح يحمل معاني للحرمان والقهر والاستجداء الي يوم ¢الطفل المصري¢ الذي سوف يحمل بإذن الله علي عاتقه مستقبل هذا الوطن... مثل عيد الأم - يوم الوفاء - يوم الشهيد... الخ وهنا اود ان اشير ان ذلك لن يتعارض مع الاحتفالات بأعياد الطفولة في مصر والذي يوافق 13/11 ويوم الطفل العالمي في 20/11 من كل عام... وهنا سيحتفل طفلنا اليتيم بعيده الخاص... ثم عيده مع اشقائه في الوطن... ثم مع أطفال العالم كله.
رفقاً بالأيتام... لا تجعلوهم وسيلة... بل اجعلوهم غاية نبيلة نتمني أن نساهم جميعاً في تحقيقها لتكون عوناً للوطن للمستقبل بإذن الله.
وتحيا مصر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف