أبو الفتوح قلقيلة
عندما تتغزل الجماعة في إسرائيل وترامب !
"خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود".. لعل تلك هي أشهر شعارات الجماعة التي تربى عليها من تم تسميتهم بالإخوة منذ زمن بعيد، ربما يعود ذلك لزمن حسن البنا في ثلاثينيات القرن الماضى، لكن الحديث عن اليهود ككيان محتل وغاصب ومستعمر وعن فريضة كراهيتهم -كما كانت الجماعة تعلم وتلقن أعضاءها- قد تلاشى مع الظرف الراهن القاسى الذي تتعرض له جماعة الإخوان المسلمين هذه الأيام، فلقد تناست الجماعة كل ذلك التاريخ من ادعاء النضال ضد الصهاينة أو حتى المشاركة فيه، واعترفت ضمنيا بإسرائيل كدولة بل ودعت الرؤساء العرب المجتمعين في قمة الميت لإحياء عملية السلام!
لم يخل بيان الجماعة بالطبع من كلمات عاطفية عن القدس المحتل وعن الأقصى الأسير، ولكنه دعا الملوك والرؤساء والأمراء العرب للسعى نحو وضع حل قوامه التعايش بين شعوب المنطقة.. ربما ستكذب ذلك لو كنت إخوانيا أو محبا للجماعة أو حتى من الذين يحترمونها ولكن.. قبل أن تتسرع بالحكم على ما ذكرته، عليك فقط أن تقرأ بيان الجماعة المنشور على موقعها الرسمى والصادر مما يسمى بمكتب إرشادها قبيل انعقاد القمة العربية الأخيرة في الأردن!
لا أدرى أهذا مكتب إرشاد أم مكتب تيه وتضليل ومتاجرة حمقاء مع إسرائيل، ومن قبلها الولايات المتحدة التي يترأس إدارتها شخص معروف عنه عداؤه لكل ما هو إسلامى حتى وإن لم يكن متطرفا.. الأمر برمته لا يعدو كونه غزلا غير عفيف للسيد ترامب، أو ربما للحاج ترامب.. لا ضير أن يسميه الإخوان كذلك إن تخلى عن موقفه المتشدد تجاههم، وسمح لهم بقليل من التواجد الإقليمى أو العالمى من خلال الضغط على الأنظمة الصديقة له ولإدارته..
لكن ذلك الغزل لن يرضى ترامب بدون أن يرضى صديقته وحليفته التاريخية إسرائيل، والتي تحولت من كونها كيان احتلال غاصب– وهى كذلك بالفعل– إلى دولة مجاورة في المنطقة تسعى الجماعة الكيوت المتدينة الجميلة للتصالح والتعايش معها، بل وتدعو دول الجوار إلى السعى بشكل حثيث نحو ذلك!
تلك الرسائل القميئة والقبيحة من الجماعة إلى من يهمهم الأمر لم تأت بخير، ولن تأتى بأى مردود إيجابى للجماعة سواء من محبيها.. إن كان عندهم قليل من التمييز.. أو حتى من المتعاطفين معها، نظرا لمخالفتها للثوابت الدينية التراثية أو حتى القومية التي كانت تجمع بين الإخوان وبعض أطياف القوميين العرب والناصريين ولو على استحياء، لكن يبدو أن الجماعة تخلت عن هذا المبدأ، ووجدت أن الحياء لا طائل منه، وأن قلة الأدب هي الرابحة والسائدة في هذه الأيام، فسعت إلى تجربتها والتوافق معها!
تناست الجماعة أنها فقدت بالفعل أي تأثير لها محليا داخل مصر أو إقليميا في المنطقة، وبالتالى خارجيا، فمحليا كانت الجماعة أول من باعت الثورة والثوار، ثم بكت على حالها فقط، بعدما أزاحها من الوجود من تخيلت أن التحالف معهم ممكن وحتمى ومساو في القوة ورد الفعل، لذا أصبح أي حديث إخوانى هذه الأيام عن الغلاء ومعاناة الشعب وضياع الثورة فاقدا للمصداقية، لسبب بسيط، وهو أن أول من عادى التوجه الثورى كانت هي الجماعة نفسها، وأول من نفى وجود قتلى في أحداث محمد محمود الدامية، كان رئيس مجلسها النيابى الدكتور سعد الكتاتنى.. فضلا عن عدم إصدار أي قرار سيادى به رائحة انحياز للشعب أو الثوار أثناء فترة حكمها عقب الثورة.
إذن لا ملجأ للجماعة الآن إلا التعلق بقوة دولية من شأنها الضعظ على الأنظمة المعنية للسماح لها بالتواجد من جديد، ولو على حساب أي شىء.. لذا كان اللجوء لإسرائيل، ورسائل الغزل غير المباشر مع دولة الاحتلال، مع كثير من الخضوع في القول ولغة الخطاب للسادة الحكام العرب طمعا في مخرج حتى وإن كان سيىء السمعة..
بئس الجماعة هي وبئس توجهها وتزلفها القمىء والقبيح أيضا.. هل سيكون الشعار القادم لها.. "خير خير يا يهود، جيش محمد لن يعود!".. الجماعة هي التي تضيع نفسها يوميا، ولن تعود مطلقا حتى مع وجود حنق عام ضد الحكومة والنظام بسبب الغلاء، ورفع الدعم والسير في طريق بيع الخدمات وخصخة كل شىء، لأن الجماعة فقدت مصداقيتها منذ زمن، والآن تفقد هويتها ومبادئها أو ما كانت تدعيه من مبادئ أثبت الزمن أنها طيف خيال أو سراب.