المساء
محمد غزلان
لبن العصفور
في الفلكلور المصري دون غيره أمور يصعب تصديقها ويتحاكي بها الناس زمنًا وأزمانًا وتكشف عن خفة دم المصريين وعجزهم أيضا في التعامل مع أمور إن بدت لهم تسوءهم ويضرب المثل بلبن العصفور علي استحالة الطلب وصعوبة تلبيته في آن واحد. فالعصفور كما نعلم جميعًا ليس من الثدييات وبالتالي فلا لبن له ومن يطلب لبن العصفور كمن يطلب المستحيل وماذا عن لبن الأطفال تلك الأزمة التي عصفت بالبلاد وتطوع الجيش لاستيراده حتي لا يموت أطفالنا وإذا بنا نفاجأ بوزير الصحة يعلن عن اكتشافه لمصنع ألبان أطفال كان يعمل في مصر وينتج 35 مليون علبة سنويا ويحكي الناس عن لبن العصفور ولبن الوزير رغم أن هناك مقالا نشره الزميل الصحفي العجوز نبيل عمر والمعروف عنه الدقة المتناهية فيما يكتب وما يثير. المقال نشر منذ ستة شهور في جريدة المقال لصاحبها وناشرها إبراهيم عيسي صاحب الدم الثقيل علي الحكومة وأتباعها. المقال كان يحمل عنوان ألبان الأطفال.. الفساد هو الأزمة ويتحدث عن هذا المصنع الذي اكتشفه الوزير الهمام فجأة وتركوا الناس يضربون أخماسًا في أسداس عن هذا المصنع وأين هو ومن الذي أنشأه ومن الذي أغلقه وما هي الأسباب الحقيقية لغلقه.
المصنع اسمه لاكتو مصر أنشئ عام 2002 في مدينة العاشر من رمضان عندما كان الدكتور محمد عوض تاج الدين وزيرا للصحة وأن إحدي شركات الوزارة ساهمت بـ 15% من المصنع بهدف إمداد وزارة الصحة بألبان الأطفال وتم ترسية العطاء علي المصنع لتوريد الألبان بسعر 13 جنيها لوزارة الصحة علي أن تبيعه هي بعد دعمه بثلاثة جنيهات للعلبة الواحدة. ذهب الدكتور عوض تاج الدين كما يذهب غيره من الوزراء دون سبب معلوم وجاء الدكتور حاتم الجبلي عام 2005 وإذا بالأمور تسير في اتجاه جديد.. شكاوي من المواطنين بإصابة أطفالهم بعد تناولهم لبن الأطفال بيبي زان وتم سحب عينات من المصنع واستجواب في مجلس الشعب للوزير وصدور حكم قضائي بتعويض طفل بـ 400 ألف جنيه لإصابته بضمور في المخ وتشنجات عصبية وصدور حكم بغلق المصنع بقرار وزاري. إلا أن المصنع عاد ليعمل من جديد ويصدر إنتاجه منذ ما يزيد علي سبع سنوات وفجأة اكتشف الوزير هذا المصنع الذي يعمل وينتج ألبان الأطفال ومبيض القهوة وغيره من مشتقات الألبان.
الوزير الهمام يبدو أنه لا يعلم أن إحدي شركات وزارته تساهم في هذا المصنع وإذا به يذهب لزيارته الميمونة ويعلن لنا اكتشافه العظيم. المصنع أغلق بعد سحب عينات من إنتاجه وفحصها في المعامل المركزية التابعة للوزارة التي يجلس علي رأسها السيد الوزير والمصنع عاد للإنتاج بعد التأكد من كافة المواصفات وموافقة معهد التغذية الذي لا يبعد كثيرا عن وزارة الصحة.. مافيا الاستيراد نجحوا في غلقه ثم عاد للإنتاج فيما يبدو بشرط جزائي وهو إياكم أن تطرحوا هذه العبوات في مصر. قوموا بتصديرها ونحن سنقوم باستيراد الألبان. لا تتحدثوا عن العملة الصعبة. فنحن ندبرها بطريقتنا ونستطيع حتي أن نستورد لبن العصفور. سيادة الوزير عيب أن تشغلنا بمثل هذه الأمور وهذه الاكتشافات. المصنع في العاشر من رمضان ويجب تنظيم رحلات للأطفال إليه حتي لا يأتي بعدك وزير آخر ويضحك علينا باكتشاف مستشفي للحميات في القاهرة وللعلم في واحدة في إمبابة والأخري في العباسية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف