لعل القرار الأهم لمؤتمر القمة العربية في عمان هو ضرورة أن يحل العرب مشكلاتهم بأنفسهم . بعيداً عن الوصاية والتدخلات الأجنبية أذكر أن المعني كان إلحاحي "دوماً" في هذه المساحة . ليس لأن أهل مكة أدري بشعابها . وإنما إشفاقاً مما يتهدد الوطن العربي من مؤامرات معلنة وسرية.
نشأ الكثير من الخلافات والصراعات في قارات العالم . توسط لإنهائها مبعوثون من أبناء القارة . لم نسمع عن توسط مبعوث من خارج الإقليم لإنهائها . لكن الوطن العربي ساحة مفتوحة لمبعوثي الغرب . وللتدخل الغربي بعامة . منذ أن صارت الخلافة العثمانية . رجل أوروبا المريض . مجرد دولة محدودة التأثر والتأثير . وفد إلي المنطقة مئات المبعوثين الغربيين . يختلقون المشكلات . ويزعمون السعي لحلها.
لو أننا أعدنا تأمل المشهد العربي فستصدمنا النتائج التي انتهت إليها زيارات مبعوثي الغرب . شهداء ومعاقين وجوعي ومهجرين واقتصادات منهارة . وبني مدمرة . ومئات المليارات التي لو أنها أنفقت علي التنمية فإنها كانت ستغطي الوطن العربي بالتقدم والرفاهية.
موروثنا الشعبي العربي حافل بالعديد من الأقوال الحكيمة والأمثلة التي تشير إلي الجلد الذي لايحكه إلا ظفر المرء نفسه . وإلي أن مواجهة العدو مسئولية الجماعة الوطنية.
إذا طبقت توصية القمة بقصر علاج المشكلات الإقليمية والثنائية . بل ومشكلات القطر الواحد علي خبرات الساسة والمتخصصين العرب . فإن تلك الخطورة ربما توقف "في أولي مراحلها" نزف الحروب الأهلية والثنائية في سوريا والعراق والصومال وليبيا واليمن . حتي التوتر القائم بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء . يمكن أن يقف علي أرضية التفاوض من خلال الوساطة القومية المتعلقة . وليس من خلال مبعوثي الموساد ومخابرات الغرب وشركات تصنيع السلاح.
سيظل إنهاء الحروب الدامية في معظم أرجاء الوطن العربي حلماً صعب التحقيق ما لم تتحول توصية القمة باقتصار حل مشكلات البيت العربي علي أهل البيت أنفسهم . إلي تطبيقات قوامها الرغبة في الحرص علي الموارد البشرية والاقتصادية والعسكرية . وفي أحاديث الأرقام فإن جزءاً من الإتفاقات الهائلة . فضلاً عن قيمة الخسائر. كانت تكفل التخلص من الوصاية الغربية . وإحداث تطور في كافة المجالات يجاوز الشعارات والهتافات والكلمات المتغنية بالأمجاد . إلي أفعال إيجابية تحمي الأرض العربية من مؤامرات تمزيقها وتفتتها . وتعني بالرعاية الصحية والتثقيفية والاجتماعية لكل مواطنيها.
لامعني للقول بأن الاحتلال الصهيوني لفلسطين سيظل قضية العرب الأولي . ما لم يرافقه تخلي الجامعة العربية عن أدائها الروتيني الباهت . تتحول إلي خلية نشطة . تعني باحتواء الصراعات والحروب الداخلية . والعربية العربية . وتتخلص بالتالي من تدخلات القوي الكبري . وأطماع دول في الإقليم . وهو ما يعبر عنه الاحتلال الإيراني لجزر الإمارات الثلاث . وتحركات إيران وتركيا في العراق وسوريا واليمن لفرض واقع إقليمي يفيد "للأسف" من ضعفنا القومي.