جريدة روزاليوسف
د.حسام عطا
المدرسة المبهجة وغناء الطفل العجوز
فى اللقاءات الأخيرة لوزير التربية والتعليم د. طارق شوقى، لاحظت أنه يتفق تماماً مع كل ما يقال عن مشاكل التعليم فى مصر، وهذا الاعتراف الكامل هو بداية حقيقية لانجاز مشروع إصلاح التعليم فى مصر، بلا شك أن تعليم الفنون فى المدارس والأنشطة الفنية داخل المدرسة جزء من هذا الإصلاح، وقد تابعت بتقدير إعلانه أنه يقوم بترتيب البيت من الداخل على المستوى الإدارى، على أن يبدأ مع نهاية الامتحانات صياغات جديدة ننتظرها جميعاً، وواحدة من هذه الصياغات هى المدرسة المبهجة، القادرة على تنمية الذائقة الفنية للأطفال، الذين تركتهم المؤسسات الثقافية والإعلامية للريح.
وفى هذا الصدد أود أن ألفت نظره ونظر المهتمين لفراغ تملأه القنوات الفضائية المختصة فى الغناء الشعبى المصور المصحوب بالرقص والحكى التمثيلى المبسط لاحظت ظاهرة جديدة وهى غناء الأطفال الذى يقلد غناء الكبار الشعبى أو المسمى بالشعبى على سبيل الدلالة الدارجة وهو ليس كذلك بالتأكيد لأنه لا يعبر فى معظمه عن التراث الشعبى المصرى، وإذا كانت تلك الفضائيات التى تقدم كل يوم وجوهاً جديدة تظهر وتختفى سريعاً بعد أن تدفع ثمن البث المباشر حرة فى تقديم هؤلاء بأموالهم، فهى يجب أن تتم مساءلتها فيما يتعلق بالأطفال، تابعت الظاهرة منذ فترة وقد إختفت قليلاً، لكنها عادت متكررة بقوة الأسابيع الماضية، طفل يغنى لطفلة عن حبه وولعه بها وغرامها الذى يمنع عنه النوم وطفلة تغازل فتى آخر صغيراً بكلمات لا تصدر إلا عن سيدة مجربة للعشق والغرام، ناهيك عن مجموعات الأطفال التى تقدم أغنيات جماعية تعبر عن معان حرب أهلية محدودة، فعلى الشخص الذى تهدده الأغنية الجماعية أن يخرج سلاحه المتكامل فى إساءة توجيه لمعان مرحلة البطولة لدى سن المراهقة المبكرة.
كما تظهر طفلة تغنى وسط مجموعة من الفتوات من أصحاب العضلات المفتولة، سألت عن الظاهرة فعرفت أن بعض المتيسر حالهم النقدى يضعون تلك الأغنيات المصورة لأولادهم وبناتهم كهدايا فى أعياد ميلاد الأطفال، أو كنوع من صنع التمييز لأطفالهم بين أقرانهم فى الحى والمدرسة ولكن ذلك أمر خطير لأنه يحمل صوراً ونماذج للمحاكاة والتقليد لدى الأطفال الناشئة المحرومين فى الحى والمدرسة من أغنيات معاصرة موجهة لهم كتلك التى قدمها الفنان الرحل الكبير محمد فوزى ثم تجربة عفاف راضى ومحمد ثروت وصفاء أبوالسعود وسعاد حسنى وغيرهم، وهى تجارب شارك فيها شعراء بقيمة صلاح جاهين وسيد حجاب.
جدير بالذكر أيضاً أن المدرسة ومؤسسات الثقافة المعنية بالأحياء غائبة تقريباً عن تقديم الغناء للأطفال وفنون الطفل الأخرى ولهذا فهو أمر يستحق التأمل والمساءلة لأن الكبار يملكون حرية اختيار ذائقتهم الفنية، أما الأطفال فلا يمكن تركهم هكذا فى مهب الريح، حتى لا نظل ننعى حال الغناء والفن فى النصف الأول من القرن الحادى والعشرين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف