محمد العزاوى
القمة العربية وتنقية الأجواء
القمة العربية الأخيرة في الأردن شهدت اتفاقاً بين الزعماء والقادة العرب حول كل ما تتعرض له أمتنا العربية من تحديات وأزمات من العراق إلي سوريا مروراً بالقدس وليبيا وصولا لليمن.. العرب اتفقوا في بيان القمة الختامي علي توحيد كلمتهم في كل الملفات أولها سوريا وضرورة الحل السياسي لهذه الأزمة التي لاتزال مشتعلة منذ أكثر من ست سنوات.. الجميع اتفق علي أن يكون هناك مخرج للأزمة يحافظ علي وحدة سوريا ويحقق في نفس الوقت آمال الشعب السوري كما تطرقت القمة للأجواء التي تمر بها الشعوب العربية في اليمن وليبيا والعراق.. كل هذه القرارات وتلك التوجهات جاءت في الوقت المناسب خاصة أن هذه الأمة تتعرض لتحديات داخلية وخارجية وقد كانت مكافحة الإرهاب علي رأس الأولويات التي بحثها القادة العرب.
الجرائم التي ارتكبها الإرهاب خطيرة ويجري تمويلها من الداخل والخارج في محاولات يائسة لاستمرار الصراع والاقتتال في هذه المنطقة ولم يكف هؤلاء ذلك التمزق وتلك الأرواح التي راحت بسبب هذا الإرهاب اللعين.. وقفة جريئة كان لابد منها في هذا الوقت العصيب. في نفس الوقت كانت القمة العربية فرصة لتنقية الأجواء بين أبناء العالم العربي فقد كانت هناك لقاءات استهدفت تصفية كل سحب الصيف التي ظهرت في سماء العلاقات بين بعض الدول العربية فكان اللقاء بين زعيمي مصر والسعودية يتسم بالود والمحبة في ظل علاقات تاريخية تربط بين البلدين الشقيقين.. تاريخ مشترك وتعاون وثيق وتبادل الشقيقان الدعوات للزيارة وتوطيد العلاقات كما كانت هناك لقاءات بين مصر والسودان واليمن وليبيا والعراق. أضفت هذه اللقاءات علي القمة أضواء تؤكد مدي قوة الروابط بين أبناء العالم العربي مهما تباينت الآراء واختلفت وجهات النظر.
وقد كانت القمة في جنوب البحر الميت في عمان علي مستوي المسئولية في القضية الأولي التي تهم العالم العربي وهي القضية الفلسطينية فقد أكد الزعماء والقادة العرب علي أنه لا حل إلا ما جاء في المبادرة العربية وضرورة التوافق علي حل الدولتين لكل منهما السيادة والاستقلال كما أن القدس سوف تظل عاصمة للدولة الفلسطينية واتفقت كلمة الزعماء والقادة علي التحذير من نقل أي سفارات أجنبية إلي القدس حيث إن ذلك العمل يتنافي مع طبيعة الاتفاقيات ومبادرات السلام التي تسعي لحل هذه القضية الشائكة.. لأول مرة يتفق العرب علي إمكانية التصالح مع إسرائيل بشرط انسحابها من الأراضي التي احتلتها في .1967
واتفقت كلمة الزعماء علي الوقوف بجانب العراق حتي يتم تحرير كامل أراضيه وضرورة وقف التدخلات الأجنبية خاصة إيران في ساحة الاقتتال بأرض الرافدين كما كانت هناك رؤية لضرورة توافق الأشقاء في ليبيا علي كلمة سواء تستهدف عودة الأمن والاستقرار لهذه البلاد والضرب علي أيدي الارهابيين وكل من يحاول العبث بهذا البلد الشقيق.
القمة العربية لعبت دوراً مهماً في تنقية الأجواء والقرارات التي صدرت تثلج الصدور لكن القرارات وحدها لا تكفي مهما كانت دقة كلماتها إنما لابد أن يكون لهذه القرارات آثار علي أرض الواقع في وقت الأمة العربية في أشد الحاجة إلي رأب الصدع والتصدي لأي تحديات تستهدف استمرار النزاع وتحول أبنائها إلي لاجئين ترفض الدول استقبالهم.. الواجب يحتم أن تشهد أرض الواقع آثاراً لهذه القرارات وأن يكون تنقية الأجواء التي شهدتها العاصمة الأردنية خطوة أولي تتبعها خطوات تلبي طموحات أبناء هذا العالم من المحيط إلي الخليج.