الجمهورية
صالح ابراهيم
المسئولون يعتذرون!!
** ظاهرة جديدة في العمل العام.. تحتاج إلي رصد وتحليل.. اعتذار المسئول للأهالي عن سوء خدمة أو عطل في مرفق معين.. استغرق وقتاً أطول من المفروض في إصلاحه.. وهي ظاهرة بدأت بوزير الإسكان المسئول عن المرافق لأهالي امبابة عن كسر في خط المياه الرئيسي.. احتاج إلي غطاسين لإصلاحه.. لحدوثه تحت منطقة أثقلتها التعديات.. ثم محافظي الجيزة والإسكندرية وآخرين.. واجهوا مسئولياتهم بشجاعة.. صارحوا الأهالي بالحقيقة.. عرضوا الموقف والمعوقات وأوضحوا لهم ان حماية المرافق العامة من التعديات.. إنما لصالح الأهالي أنفسهم.. وان غابات الأبراج المخالفة.. تعتدي علي حقوقهم تجاه الدولة.. في توفير المياه والكهرباء والصرف الصحي لذلك لابد من أن تسير العملية في حماية القانون.. ليتسني ادراج التوسعات في الخطة.. مع فتح الباب للمشاركة الشعبية.. التي أصبحت أكثر من ضرورة ملحة.. إذا أردنا مسابقة الزمن بفكر طموح يحقق ما نرجوه للوطن من آمال.. وما نسعي إليه من رفاهية وثمار تعوض المواطن عن سنوات الانكسار.
** هذه المرة نحن أمام "توك شو" من نوع خاص.. حوار علي قدم المساواة ينصت من خلاله المسئول في أرض الموقع إلي ما يكشفه المواطن من سلبيات.. وما يشكو به المصري الفصيح.. بالمقابل يرد المسئول علي هؤلاء الأهالي بالحقيقة وحدها.. التي هي معيار الاهتمام بشئونهم وحياتهم وجدية الدولة في رفع عبء العشوائيات.. واخطبوط الجهل والفقر والمرض عن كاهلهم.. ولأن الحوار صادق.. يدخل إلي القلب مباشرة.. ويقضي تماماً علي خبث الشائعات وبالطبع فإن إعادة الخدمة في الموعد المحدد.. بدون تسويف أو مبالغة.. بمثابة قاعدة خرسانية تؤكد ثقة نحتاجها تربط المواطن بالمسئول.. وتفتح عهدا جديدا من عمل الإدارة المحلية.. تحت الرقابة الشعبية "مع الأخذ في الاعتبار العناصر الإيجابية في قانون المحليات" لتنقضي وان شاء الله إلي الأبد.. مقولة فساد المحليات وصل للركب.. والتي كانت بمثابة مشنقة للنوايا الطيبة.. والتلاحم في العمل الشعبي.. باعتبار الإدارة المحلية القاعدة الأكبر للنهوض المتوازي بحياة الناس.. لا فرق بين الدلتا والصعيد.. الأقاليم الفنية والفقيرة.. القري ذات الظهير المنتج.. والأخري الأكثر فقراً.. وبحلول ومشروعات حقيقية وليست مسكنات.
** اعتذار المسئول للمواطن العادي.. مطلوب عندما يكون في محله.. ويدعم هنا مبادئ المصارحة والشفافية ويضرب في الصميم ما تعودنا عليه للأسف من كروت وساطة أو رجاءات أو مكالمات من القادرين تطلب استثناء أو مصلحة خاصة.. وربما وأد لجهد مجتمعي تطوعي من الشباب الواعي.. يثير نجاحه حفيظة هؤلاء المتربصين والمعوقين.
** الاعتذار هنا بلدوزر يزيل بقوة كل الرواسب والحواجز التي صنعها صغار المسئولين حول المحافظ أو الوزير.. ويشعر المواطن بوجود حقيقي لهذا المسئول في الشارع.. ليس فقط لإنتاج مشروعات التجميل والرصف والتطوير وما يحيط بها من مواكب.. وما قد يظهر من حقائق بعد تشريف المسئول للمناسبة.. ولكنه جاء إلي حيث المشكلة والأزمة التي يعانون منها.. انفجار ماسورة مياه.. أو انقطاع للكابلات الكهربائية.. إلخ.. انه يمارس هنا دور القدوة المفترض.. ويبعث الحماس في نفوس السواعد السمراء المسئولة عن الإصلاح وعودة الشيء لأصله.. وانه كما أكد المسئولون الذين أشرت إليهم في البداية.. حضروا لتوضيح الحقيقة للمواطن الذي قد يكون مساهما في المشكلة التي حدثت "الأمثلة كثيرة علي امتداد المحليات وما نعاني منه مع زخات مطر.. أو ما تفعله الرياح بالأسلاك والكابلات".. وفي حوار الاعتذار تبرز ثقافة الصالح العام أمام المواطن والمسئول.. ربما تدريجياً.. ولكن تم الغرس في موقع الأزمة والإصلاح.. وصولاً للإنجاز.
** ولعل المسئولين في وزارة التنمية المحلية بالتعاون مع مركز معلومات مجلس الوزراء لديهم النية لوضع ظاهرة اعتذار المسئول تحت ميكروسكوب خبراء معهد التنمية المحلية بسقارة تمهيداً لإدراجها ضمن الواجبات الوظيفية لكبار المسئولين الذين يتعاملون مع الجماهير وهي عملية نرجو ألا تتأخر.. ونحن نبحث عن صيغ مبتكرة ومبادرات للنهوض بالعمل العام ووصول الشباب إلي القيادة.. وإنشاء مجالس محلية منتخبة.. باختصاصات جديدة وسلطات رقابية.. تزيد من فاعلية الحوار.. تربط بها الناس وتعتمد المواطن شريكاً إيجابياً في الاقتراح والتنمية والتنفيذ.. واستثمار ظاهرة الاعتذار للنهوض بثقافة الانحياز للصالح العام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف