عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. إياكم.. ومنع الوجبة
تسرعت الحكومة وقررت إيقاف صرف الوجبة المدرسية حتى نهاية العام الحالى.. فهذا هو قرار العاجز.. الذى يعجز عن مراقبة تقديم وجبة مدرسية لأطفالنا دون رقابة حقيقية.. أى دون سلامة حقيقية..
ولا أقول ذلك استجابة للإعلانات التى نشرتها أمس الشركات التى تقوم بتصنيع هذه الوجبة وتقديمها لأبنائنا.. ولكن لأن حكومتنا تتبع أسلوب «الباب اللى ييجى منه الريح.. سده واستريح».. ذلك لأننى أرى أنه إذا كان 30٪ من أولادنا لا يقبلون هذه الوجبة.. إلا أنه على الطرف الآخر نجد 70٪ من التلاميذ ينتظرونها.. بل يتلهفون عليها، لأنها ربما هى أفضل مما يأكلونه فى بيوتهم.. أن كان بالبيوت الآن أى طعام!!
<< هنا نقول بالرقابة المتعددة.. من الصناعة، والصحة، والتموين.. ومن مديريات التربية والتعليم.. والشئون الصحية.. والأقران لتضمن سلامة هذه الوجبة، وما حكاية المليار جنيه و200 مليون التى تتكلفها هذه الوجبة إلا حق للطلبة ينتظرونه. فكيف تحرم هذه الملايين من التلاميذ منها.. بل إننى أرفض حتى مبدأ البدل النقدى الذى يراه البعض، بديلاً من هذه الوجبة.. لأن التلميذ الجائع يمكن أن يدفع هذا البدل فى أى شيء لا نضمن سلامته، ليسد جوعه.. ونحن نعرف ماذا يباع أمام المدارس أو حولها من أغذية غير سليمة وحينها سوف ندفع الثمن غالياً.. مما يقدم أمام المدارس..
<< والحكومة لجأت إلى السهل من القرارات.. وهو المنع إبعاداً للضرر المحتمل، ونسألها هنا: وماذا عن جيوش المراقبة ودورها المفقود فى سلامة هذه الوجبة، والخوف كله أن تتبع الحكومة نفس أسلوب «الاستسهال» مثلاً لمنع استيراد اللحوم والدواجن من مناطق لا نضمن سلامتها.. بينما اللحوم المستوردة- والدواجن- يطلبها من يعجز الآن عن شراء نصف كيلو من اللحم البلدي.. أو حتى شراء حلويات المدبح من فشة وممبار ولحمة راس.. أو تلجأ الحكومة لوقف تسلم القمح المحلى بسبب ما حدث من مشاكل للتوريد أطاحت بوزير التموين، الذى كان عمله ممتازاً.. ولكن هل تجرؤ الحكومة على منع استيراد القمح من دولة يستورد منها بعض المغرضين أقماحاً بها مواد ضارة.. أم تكتفى الحكومة برفض تسلم الشحنة.. وإعادة تصديرها للمنبع.
<< ولن أتحدث هنا عن الخسارة التى تتكبدها الشركات الموردة لهذه الوجبة إذ تمت صناعتها.. وتوريدها بالفعل، فلماذا لا تتحرك الفرق الصحية والرقابية لفحص ما تم توريده.. وعند التأكد من سلامته.. تستأنف المدارس تقديم الوجبة.. وهنا نراعى العامل النفسي.. فى طفل دون العاشرة يحس بأى مغص.. فيكفى أن يصرخ: آه يا بطنى لنجد الكل يقلدونه.
<< وهنا لا أنفى أى احتمال لفساد بعض العبوات.. بل أتشدد فى تقديم وجبة نظيفة سليمة لأطفالنا.. ولكننى أرفض أسلوب السلامة أولاً.. والسلامة آخراً.. وأقف مع تلميذ ينتظر هذه الوجبة وربما بات يحلم بها لأنه نام- فى الليلة السابقة- دون أن يأكل أى عشاء.
والنبى يا حكومة.. بلاش أسلوب الاستسهال.. حتى لو كان هدفه حماية أطفالاً ينتظرون باكو البسكويت وقطعة الجبنة.