المصريون
د. محمد فتحي رزق الله
لماذا يعادي الغرب الإسلام ؟! (2_1)
الحقيقة الثانية : ليسوا سواء.
_ أوضحنا في المقال السابق أنه ولمعالجة العداء الغربي للإسلام فإنه لابد من كشف الغطاءعن القنابل الملغومة أولاً ،والتي تعد سبباً رئيساً في هذا العداء.وأوضحنا أنه لكشف هذا الغطاء ،كان علي الجميع أن يعرف مجموعة من الحقائق ،تعد بمثابة نقاط اتفاق ينطلق منها الجمع عند التحاور إذا مارغبوا الوصول إلي نتائج حيادية .ولما كنا قد وقفنا علي الحقيقة الأولي أنذاك،وهي ضرورة إدراك قدم العداء الغربي للإسلام والمسلمين،فإننا نوضح في هذا المقال الحقيقة الثانية،وهي : ليسوا سواء . ولتوضيح هذه الحقيقة علي النحو الذي بينه لنا علماء الفكرالإسلامي ،والسياسة الشرعية نقول:علي الجميع(مسلمين،وغير مسلمين) أن يدركوا تماماً أن الغرب (حكاماً،ومحكومين) ليسوا متفقين في نظرتهم العدائية للإسلام والمسلمين،لأنهم ليسوا سواء.فإذا كانت الافتراءات والأكاذيب التي يتبناها الغرب علي وجه الخصوص،وغير المسلمين في شتي بقاع الأرض بشكل عام ضد الإسلام والمسلمين لم تقف عند حد تدريسها بالكتب المدرسية فحسب،بل امتدت لتصل إلي حد أن صنفت المؤسسات الألمانية فيها عشرات المجلدات،تنشر بدور النشر الغربية،وإذا كانت تلك الافتراءات والأباطيل،وهذا الإفك المستطير وصل إلي حد أن الغرب ينظر إلي رسول الله محمد(صلي الله عليه وسلم) ليس باعتباره رسولاً أرسله الله الواحد ليضع عن اليهود والنصاري إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وليقاوم الظلم والطغيان والاستبداد،وليحرر العقول من الاستعباد الديني، وليوضح للناس في كل بقاع الأرض القانون الإلهي الأسمي ،الذي أساسه أنه لافرق بين الناس جميعاً أين كانوا،وأينما كانوا ،لا بين رئيس ومرؤس،ولا بين حاكم ولا محكوم،إلا بمدي إيمانه بالله ورسله،ثم بما يقدمه من عمل نافع للناس،والذي أكد عليه نبي الاسلام محمد لما قال: (لافرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوي العمل الصالح)،وإنما يصوروا محمد صلي الله عليه وسلم علي أنه كان رجلاً نصرانياً ،يعتنق المسيحية،وكان علي درجة كاردينال،وينتمي إلي الطائفة الكاثوليكية،لكنه أراد أن يدخل المنافسة،ويخوض الانتخابات المقررة علي كرسي الباباوية، ليكون رئيساً دينيا أعلي ،بدرجة بابا، لكنه خسر الانتخابات،فلما رسب فيها قرر أن ينشق عن النصرانية،وبدأ يدعو لنفسه رئيسا دينيا،فكان هذا الانشقاق من محمد في نظرهم أكبروأخطر إنشقاق في تاريخ النصرانية. إلا أنه ومع هذه الدرجة القاسية من العداء الفكري ،والمرض القلبي من غير المسلمين فالعلم يشهد أن من بين غير المسلمين علماء وباحثين أنصفوا الإسلام في أبحاثهم،ودافعوا عن حقيقته الإلهية بشكل محايد، ففقهوا جيداً كيف أن الإسلام قد جعل التعارف المؤسس علي التعايش والتعاون هو المقصد الأسمي لهؤلاء الفرقاء،استناداً لقول الله جل في علاه:"ياأيها الناس إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"،وقوله سبحانه:"ومن آياته خلق السموات والارض واختلاف".وفقه هذا البعض أيضاً كيف أن دين جميع الأنبياء واحد،وإن اختلفت شرائعهم،استناداً إلي قول رب الناس"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً"،ولم يقل سبحانه:" لكل جعلنا منكم ديناً".واستناداً إلي قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم" الأنبياء أولاد علات،أمهاتهم شتي ،ودينهم واحد" فأمهاتهم المقصود بها شرائعهم.وفقه هذا البعض أيضاً كيف أن الإسلام في الحقيقة،وعلي غير مايدعي الأفاكون من غير المسلمين،ومن علماني المسلمين أن لم يكره أحداً علي الإيمان ،لأن الإيمان بالاسلام عمل قلبي،يستحيل الوصول إليه بأي عمل من أعمال الإكراه،بل وسيلته هي الدعوة بالحكمة ووالموعظة الحسنة،فمن استجاب قلبه كان مؤمناً،ومن أعرض قلبه (فلكم دينكم ولي دين)،وحسابه في الآخرةعلي ربه،أما في الدنيا فإن له ما للمسلمين. لقد فقه هذا البعض من علماء الغرب الصادقين كيف أن حروب الإسلام كلها إنما كانت دفاعاً عن حرية الاعتقاد،وحرية الاختيار،وحرية الوطن الذي يعيش فيه المسلمون ،كانت ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم ،وفتنوهم في دينهم ،إذ لم يعرف الإسلام حرباً دينية قامت لقهر المخالفين علي الايمان به قط. وخير دليل علي ذلك أن عدد ضحاياحروب عهد النبوة من الجانبين،سواء شهداء المسلمين،أو قتلي المشركين كانوا وعلي سبيل الحصر386 قتيلاً ! منهم 183 شهيد من المسلمين،203 قتلي المشركين،بينما وصل عدد ضحايا الحروب الدينية داخل النصرانية بين الكاثوليك والبروتستانت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلادي إلي 10 مليون شخص، قُتلوا غدراً،ظلما وقهراً،بما يعادل 40% من تعداد الشعب الأوروبي أنذاك. وهنا :هل يمكن أن نعرف أسماءً لبعض علماء الغرب(غير المسلمين) الذين شهدوا للإسلام والمسلمين ،وأنصفوا ديننا الحنيف عن دراسات علمية محايدة وعميقة ؟ نعم سنقف وسنوضح للدنيا كلها شهادات من أهل الأعداء،ومن ذويهم،لا من علماء المسلمين،وأبناء الإسلام فحسب،لكن في المقال القادم إن شاء الله .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف