يسرى السيد
شيزوفرنيا المصريين والحكومة مع وزير العدل !!
الحمد لله نجحنا في غزوة المستشار محفوظ صابر وزير العدل حتي اقيل أو استقال بفضل وقوفنا جميعا صفا واحدا للمطالبة باقالته!!.. انتشينا وشربنا نخب الانتصار وارتحنا بعد شعورنا الكاذب بأننا افرغنا غيظنا في الوزير المقال لانه تكلم بصراحة وبلا مواربة عن واقع نعيشه ونشارك فيه جميعا.. نعم خطيئته كبري لانه اسقط ورقة التوت عن عورتنا بقوله المستور ونحن لم نحتمل.. سبب ثورتنا عليه انه فضحنا جميعا باسقاط ورقة التوت وكشفه للمستور الذي نعرفه جميعا ونمارسه كل لحظة.. تري العيب عيب من؟.. هو أم نحن؟
* من كان منكم بلا خطيئة ليرمي وزير العدل المقال بطوبه.. وجدتني اصرخ ولا أريد ان أكون وحدي في البرية.. تعالوا معي نواجه أنفسنا بالوقوف أمام المرآه ولو للحظة لنعترف بالحقيقة المرة:
نحن جميعا في بئر هذه الخطيئة وخطايا أكثر.. نمارسها وتمارس علينا.. لذلك قمنا بثورة 25 يناير.. كان الشعار الاكبر الذي ارتفع قبلها ونفذه الشعب بحكم غير قابل للنقض فيها: لا للتوريث.. لكن للأسف ازحنا جمال مبارك من فوق كرسي التوريث.. لكننا لم نكسر الكرسي.. لانه للأسف كان قد تكاثر ولايزال بالملايين في كل مكان.. وزيارة واحدة لصفحة الوفيات تكتشف الكارثة من تشابك العلاقات والأقارب في أي مصلحة أو هيئة.. في الجامعات اعملوا احصائية لأبناء الدكاترة.. كشوف أعضاء هيئات التدريس في كليات الطب بقصر العيني أو عين شمس أو غيرها كفيلة بالصدمة.. في الإعلام والصحافة اعملوا حصرا لأبناء الإعلاميين والصحفيين.. في الشرطة والقضاء.. في السلك الدبلوماسي والخارجية.. في البنوك والشركات من اغناها مثل البترول والأدوية إلي أفقرها في الغزل والنسيج.. في الهيئات والوزارات.. في الحكومة والقطاع الخاص.. تعالوا نعالج أنفسنا من الشيزوفرنيا التي نعيش فيها:
* الحكومة اقالته رغم أنها هي التي أصدرت ما يسمي بتعيين أبناء العاملين في كل جهة وهيئة.
* الحكومة اقالته وهي تمارس العنصرية كل يوم باستبعاد فئات وأجناس وأصحاب دين مثلا في شركات أو جهات بعينها بقرارات غير مكتوبة.
* ونحن من فينا لا يطلب الواسطة يوميا أو يفعلها.. من فينا التحق بوظيفة دون واسطة؟.. حاول مرة ان تأخذ حقك بلا واسطة ستجر أذيال الخيبة والهزيمة إلا ما رحم ربك.. من فينا لم يسع لواسطة لابنه أو لابنته أو لنفسه لقضاء مصلحة؟!
كلنا يعرف.. والكل متواطؤ بالصمت أوالمشاركة أو بالاثنين معا.. تعالوا نكذب علي بعض ونقول الدستور ينص علي المساوة حتي يرتاح ضميرنا ونغسل يدنا من دم وزير العدل الذي أسمعنا جميعا حكومة ومواطنين الحقيقة المرة.. تعالوا نكذب ونقول إن الكل سواء أمام القانون.. تعالوا نكذب ونكذب لأننا من فرط كذبنا وكثرته صدقنا أنفسنا.. حتي افاقنا المستشار محفوظ صابر برميه القنبلة وكرة اللهب في وجوهنا.. هو قال مانفعله بأنفسنا جميعا.. لم يمارس السياسة ويكذب وينافق تحت لافتات المواءمة السياسية ومكيجة القبيح ونفاق الجماهير.. اللي هي احنا والتي وصل الأمر ببعضنا اليوم أو الأمس للكذب حتي علي الرسول - عليه الصلاة والسلام - بدس ونسب حديث له لم يقله "لا تعلموا أولاد السفلة العلم. فان علمتموهم فلا تولوهم القضاء والولاية"؟.. حديث مدسوس لانه ببساطة يتنافي أصلا مع مبادئ الإسلام: لا فرق بين عربي واعجمي إلا بالتقوي من جهة وحتي يظل العامة في جهل ليسهل حكمهم من جهة أخري.
لولا التعليم وتكافؤ الفرص بدرجة أو بأخري أمام الجميع ما كان محمد نجيب رئيسا لمصر لان أباه كان مزارعا وما كان عبد الناصر رئيسا لمصر وقائدا لثورة يوليو لأن أباه كان ساعيا للبريد. والسادات كان أباه موظفا صغيرا والأمر كذلك مع حسني مبارك الذي كان والده حاجب محكمة ومحمد مرسي الذي كان أباه فلاحا.. والأمر كذلك من أول عميد الأدب العربي طه حسين إلي كل العلماء والقضاة والفنانين والمثقفين وكل الطبقة الوسطي.
* ليس المهم اقالة وزير العدل او استقالته.. المهم هل ستتغير هذه الممارسات بيننا؟.. كنت سأفرح مع الفرحين لو كانت الاقالة ستعيد الحق لأصحابه.. لن تتغير الممارسات بقوانين ودساتير هي بالفعل كثيرة لكنها علي الأرفف والأدراج.. فقط تغيرها الممارسات علي أرض الواقع.
* للأسف لم تعد الرشوة والواسطة فقط للحصول علي أشياء غير قانونية فحسب. لكن الكارثة الأكبر انك تفعل ذلك للحصول علي حقك.. اعترض ولا تدفع في أي مكان وسوف تذوق الأمرين ولن تحصل علي حقك من صغار الموظفين.. دبجنا الشعارات وصككنا المقولات التي تروج لذلك.. ابجني تجدني.. نعم حقك لكن لماذا أعطيه لك بدون مقابل؟.. تخيلوا اطلقنا شعار "اخذ الحق حرفة".. يعني عليك أن تجيد مهنة الحصول علي حقك.. بالكذب.. مباح!!.. بالواسطة.. ماشي!!.. بالحيلة.. مفيش مانع!!.. بالقوة والفلوس.. ياريت!!.. شوفتم مصيبة أكثر من كده!!
* الكارثة ان الحكومة لم تعد هي المجرم والا كان الحل بسيطا... نشيل الحكومة ونغيرها وكمان نحاكمها.. لكن الكارثة الكبري ان المصيبة لم تعد فقط في وزراء أو كبار مسؤلين ومديرين.. لأن ازاحتهم وعزلهم أمر سهل وقد حدث في 25 يناير.. لكن الكارثة الكبري ان الفساد ضرب في نخاعنا جميعا وأصبحنا جميعا فاسدون بدرجة أو بأخري.. أصيبنا جميعا بالمرض الذي يتدرج من الانفلونزا إلي السرطان والفشل الكلوي والكبدي.. نحتاج جميعا إلي عمليات زرع كبد وكلي للضمير.. إلي عمليات قلب مفتوح وتغيير شرايين سدها الفساد.. من فيكم يأتي معي لندخل غرفة العمليات وغرفة الانعاش لانقاذ الوطن قبل فوات الأوان؟!!
* جاء الفجر علي المسيح عيسي بن مريم وهو في هيكله بجبل الزيتون وحوله بعض جمهوره يعلمهم.. وفجأة احضروا له امرأة ضبطت تزني. وأوقفوها في الوسط.. وقالوا له: "يامعلم. هذه المرأة ضبطت وهي تزني.. وقد أوصانا موسي في شريعته بإعدام أمثالها رجما بالحجارة. فما قولك أنت"؟.. سألوه لكي يحرجوه فيجدوا تهمة يحاكمونه بها.. أما هو فانحني وبدأ يكتب بأصبعه علي الأرض.. وعندما ألحوا عليه بالسؤال. اعتدل وقال لهم: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر"!.. ثم انحني وعاد يكتب علي الأرض.. فلما سمعوا هذا الكلام انسحبوا جميعا واحدا تلو الآخر. وبقي المسيح وحده. والمرأة واقفة في مكانها.. فاعتدل وقال لها: "أين هم أيتها المرأة؟ ألم يحكم عليك أحد منهم؟".
أجابت: "لا أحد يا سيد".. فقال لها: "وأنا لا أحكم عليك.. اذهبي ولا تعودي تخطئين"!
* هامش
من منا الذي لا ينعم إلا بستر الله عليه؟!پ