جلال دويدار
أقول لوزير المالية ربنا .. يسمع منك ؟!
كم أرجو أن تصدق تنبؤات وزير المالية عمرو الجارحي فيما يتعلق بإنخفاض معدلات التضخم التي وصلت أرقاما قياسيا تجاوزت الـ٣٠٪ الشهر الماضي. كما هو معروف فإن التوصل إلي هذا الهدف ووفقا لآليات السوق يعني لجم انفلات الاسعار التي شملت كل شيء. هذا الوضع أصبح فوق طاقة غالبية الشعب التي أصبحت تعاني من تدبير متطلبات معيشتها.
ليس خافيا أنه قد تم القبول بهذه الاوضاع المأساوية علي أمل التحسن والرخاء في المستقبل. إن تداعيات ما وصلت اليه أحوالنا لم تقتصر علي صعوبة الحصول علي أقل الاحتياجات ولكن تعاظم خطورتها تمثلت أيضا في تدهور أحوال الطبقات المتوسطة في الدولة مما يُعطي مؤشرا باختفائها لتزداد نسبة الفقراء التي بلغت حاليا ٤٠٪ من تعداد الشعب!!
ليس هناك ما يقال وحتي يصح هذا التفاؤل الذي تضمنته تصريحات الجارحي.. سوي أن أقول للمسئولين في هذه الدولة وحكومتها اتقوا الله في هذا الشعب بالرعاية السليمة والاحساس بما يعانيه.. وبالتالي مراعاة الدقة والشفافية وحسن الادارة وسلامة القرار فيما يتم اتخاذه من اجراءات.. كل مسئول لابد أن يقدر وأن يدرك أن لكل إنسان طاقة في الاستيعاب والتحمل قبل أن ينفدصبره ويفقد بعدها القدرة علي السيطرة علي مشاعره وأعصابه وسلوكه.
رغم ان مسئوليتي لا تتجاوز مدي ما تربطني علاقتي بالرأي العام من خلال ما أكتبه لوجه الله - سعياً إلي تحقيق الصالح العام - إلا إنني وفي نفسي لا أنكر أنني من بين الفئة المتفائلة بأن الله سوف ينعم علي هذا البلد بالفرج والخروج من كبوته. إن محنته طالت وتصاعدت بشكل خاص علي مدي السنوات الست التي أعقبت وقوع هذا الوطن في براثن جهل وأمية جماعة الإرهاب الإخواني.
في هذا الإطار فإنني دائما ما أجد نفسي في نقاش وجدل مع بعض المتشائمين الواقعين تحت تأثير اليقين باستمرار حالة التدهور.
ما يدور في هذا الشأن يتعلق بما يمكن أن تصل إليه قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار اللعين. رأيي الذي أصر عليه في مواجهتهم أن هذه القيمة سوف تتصاعد في الشهور القادمة بإذن الله وصولا إلي مستواها العادل والذي يتراوح بين ١٤ جنيهاً و١٥ جنيهاً للدولار.. بالطبع وفي إطار هذا الرأي فإن هذا مرهون بعودة الشباب المصري إلي العمل المنتج والتوقف عن التطلعات التي لا يمكن تحقيقها بجلسات المقاهي واطلاق العنان للاحلام والخيالات التي لا تعترف بالجهد والبذل والعطاء وصولا إليها.
إن أملي كبير في عودة المصانع إلي الانتاج بكل قوتها لسد احتياجات الاستهلاك والتصدير وان يخرج قانون الاستثمار إلي النور ليكون جاذبا للمستثمرين في الداخل والخارج. ارجو الا يكون ذلك تفعيلا لسياسة »اخطف واجري» ولكن لبناء المصانع وإتاحة فرص العمل والتصدير.
حتي تُخيم اجواء التفاؤل علي كل المصريين بكل أطيافهم. فإن عليهم استعادة انتماءهم وولاءهم لهذا الوطن الذي أنجبهم ويشرفهم انهم يحملون هويته. علي كل من يمارس نشاط ان يضع نصب عينيه حتمية مساهمته في رفعته ونهضته بالعمل ومضاعفة الانتاج وتجويده.
اتصالاً بهذه القضية لابد أن يؤمن الجميع خاصة من يمارسون نشاطاً اقتصادياً تصديرياً سواء للسلع أو للخدمات بكل أنواعها.. انهم مطالبون بدعم قدرات هذا الوطن. هذا سيتحقق ببيع الجانب الأكبر مما يحصلون عليه بالعملات الاجنبية للدولة لمساندة وتقوية وضعه وامكاناته الاقتصادية. انطلاقا من هذه المشاعر التي يجب أن تسود بحكم المواطنة الحقة فلا مجال للتحايل واللف والدوران في هذا الامر.
حان الوقت ان يكون شعار من يعيش علي أرض مصر المحروسة.. أن تقدمها ونهوضها لا يمكن أن يتحقق سوي في اطار حلقة متكاملة يساهم فيها الجميع كل بقدر إخلاصه وتفانيه وتقديره السليم. لابد ان يتم ذلك علي اساس ان تضمن الدولة حقوقه في مقابل اداء واجباته والتزاماته نحوها ونحو المجتمع.. الحرص علي سلامة هذه المنظومة. هو الصمام والسياج الذي يحمي الجميع وبلا استثناء من أي هزات أو مفاجآت تهز أمنه واستقراره وتهدد حياته ومستقبله.