أحمد كامل البحيرى
المراجعات بين المصالحة والتطرف العنيف
(١) إخوان مصر تشهد جماعة الإخوان المسلمين حالة من الانقسام والصراع العنيف لم تشهده منذ نشأة الجماعة وحتى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، فأصبحت جماعة البنا تنقسم لجماعتين، الأولى: جماعة محمود عزت وإبراهيم منير أو ما يطلق عليه (الحرس القديم)، وهذا الطرف ما زال يتحكم في إمكانيات الجماعة المالية سواء في الداخل أو مؤسسات الجماعة الاقتصادية في الخارج، بجانب امتلاك هذا الطرف أغلب مفاتيح العلاقات الدولية مع الدول والمنظمات الدولية، بجانب استمرار نفوذه داخل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الثانية: جماعة شباب الداخل أو ما يطلق عليها (مجموعة محمد كمال) هذه المجموعة صاحبة مشروع المراجعات الذي ظهر في بدايات عام ٢٠١٥ تحت مسمى (وثيقة الحراك الثوري)، التي أخذت مسار المواجهة مع السلطة الحاكمة، وأعلنت رفضها نهج القيادة القديمة لجماعة الإخوان والتي حملتها مسئولية انهيار حكم الإخوان وما وصل إليه مسار الجماعة (حسب ما جاء في وثيقة المراجعات)، تلك الوثيقة التي اعتبرت الحراك العنيف بداية طريق إسقاط النظام، ومن ثم بدأت تلك المجموعة بإعادة تشكيل نفسها في انتخابات داخلية أسفرت عن تشكيل ما يسمى (اللجنة العليا للإخوان) بقيادة محمد كمال الذي تم قتله في أكتوبر ٢٠١٦، هذا الإجراء قوبل برفض وعدم اعتراف من قبل الجماعة الأولى بقيادة محمود عزت، وبدأت جماعة محمد كمال في تشكيل ما يسمى (اللجان النوعية) وأفرزت مجموعة من التنظيمات العنيفة (المقاومة الشعبية، العقاب الثوري، حسم، لواء الثورة...) التي أخذت مسار العنف كحل وحيد لمواجهة النظام السياسي الحاكم، وما بين تلك الجماعتين تأتي بعض المجموعات غير الفاعلة في مشهد الصراع، كجيل الوسط (عمرو دراج، وجمال حشمت، نموذجين). ومع استمرار حدة الصراع والانقسام بين الجماعتين جاءت مبادرة جماعة الإخوان بشرطة «محمود عزت» التي دعت إلى اجتماع لمجلس شورى الجماعة (بشرطة) للتصويت علي وثيقة التصالح مع الدولة مقابل عودة نشاط الجماعة للمجال العام، وهو ما قوبل برفض قاطع من قبل جماعة الإخوان بشرطتين (اللجان النوعية)، وجاء إعلان الأخيرة عن رفضها مسار جماعة عزت بإعلان مجموعتي (لواء الثورة وحسم) عن عمليتين إرهابيتين خلال الأيام الماضية بعد فترة من السكون والهدوء الذي أعقب تولي محمد عبد الرحمن مسئولية اللجنة العليا بعد مقتل محمد كمال، ويمكن تفسير نشاط تلك المجموعات العنيفة خلال الأيام القليلة الماضية بإنه إعلان موقف رافض لمسار جماعة الإخوان بشرطة (محمود عزت) ورفض بنود وثيقة التصالح. فهل يمكن أن نشهد عمليات عنيفة من قبل كل طرف تجاه الآخر، على نهج حروب المافيا الدولية؟
(٢)
إخوان فلسطين بعد ثلاثة عقود من صدور الوثيقة السياسية لحركة حماس أو ما يعرف بميثاق الحركة، ستعلن الحركة عن وثيقة سياسية جديدة تتضمن الإجابة عن بعض التساؤلات الخاصة باليهود والعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي وقرار ٢٤٢ لسنة ١٩٦٧، وعلاقة حركة حماس التنظيمية بجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما جعل البعض يطلق عليها مصطلح المراجعات السياسية لحركة حماس، حيث يتزامن إصدار تلك الوثيقة مع إجراء انتخابات داخلية بالحركة على كل المستويات وتصعيد أسماء جديدة لتولي مهام وشئون الحركة على مستوى الداخل والخارج، تلك التحولات التي تشهدها البنية التنظيمية والسياسية لحركة حماس لا يمكن فصلها عن التغييرات التي تطرأ على البنية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، بجانب ما يحدث وحدث على الساحة السورية، خصوصا بعد تسريب أجزاء من وثيقة الحركة الجديدة التي تتضمن فك الارتباط التنظيمي بين حركة حماس مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما دفع البعض من أعضاء حماس لإعلان رفضهم تلك المراجعات التي تحدث علي البنية السياسية والفكرية للحركة، والتي يمكن أن تؤدي لحدوث انشقاقات في صفوف الحركة، وهو ما حدث بالفعل خلال الفترة الماضية بحدوث بعض الانشقاقات داخل صفوف تنظيم عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، حيث يري المنشقون أن حركة حماس أصبحت مثل باقي تنظيمات جبهة التحرير وفي مقدمتها حركة فتح، وسوف تصبح حركة حماس بعد إقرار تلك الوثيقة الجديدة جزءا من مسار أوسلو ومدريد، وهو ما دفع بعض العناصر الفاعلة من حركة حماس بإعلان الانشقاق والانضمام لبعض عناصر السلفية الجهادية في غزة وتنظيم بيت المقدس في سيناء. في المجمل نحن نقف أمام تحول عنيف في بنية جماعة الإخوان سواء في الداخل أو الخارج المصري ستؤدي لأحد مسارين لا ثالث لهما، الأول: إعادة الهيكلة والاندماج السلمي، والثاني: مزيد من الانقسام والتطرف العنيف في صفوف أعضاء وقواعد الإخوان.