جاء في الخبر أن جهود مصر وتونس في جنيف نجحت في تمرير قرار بمجلس حقوق الإنسان يمنع ناهبي أموال الشعوب من التمتع بحق التصرف في أموالهم المهربة حتي ولو لم تتمكن بلدانهم من استردادها.. وأهمية تعزيز التعاون الدولي في هذا السياق.. وذلك رغم معارضة أمريكا للقرار وامتناع دول الاتحاد الأوروبي عن التصويت.
وصرح السفير عمرو رمضان مندوب مصر الدائم في جنيف أن القرار يأتي في إطار جهود مصر لاستعادة أموال قيادات نظام مبارك المجمدة في بنوك أجنبية بالخارج.. ودراسة امكانية الاستفادة من هذه الأموال في إقامة مشروعات تنموية في دول المصدر لحين الانتهاء من الإجراءات القانونية اللازمة لاستعادتها التي تستغرق عادة فترات طويلة.
الله يسامحك يا معالي السفير.. جددت علينا المواجع.. وذكرتنا بالحلم الكبير الذي حلمنا به ذات يوم وصار الحلم اليوم مستحيلا بعد أن تم براءة جميع قيادات نظام مبارك.. وحصل مبارك نفسه علي براءة نهائية من محكمة النقض.. وهو ما شجع محاميه فريد الديب علي أن يعلن بكل جرأة أن الرئيس الأسبق لا يمتلك أية أموال أو ممتلكات خارج مصر.
لقد شعرنا جميعا ان كل الطرق والأبواب قد سدت فيما يتعلق باسترداد أموال الشعب المنهوبة.. خاصة مع الجهود التي تقوم بها الحكومة للتصالح مع المتهمين بالنهب والتهريب مقابل دراهم معدودة بدلا من أن تسير بجدية في طريق استعادة الأموال كلها التي هي حق أصيل للشعب وقد تم تهريبها قبيل ثورة 25 يناير وأثناءها وبعدها إلي دول عربية وأوروبية عن طريق التحويلات البنكية أو الطائرات الخاصة.
وفي آخر زيارة له إلي القاهرة في ديسمبر الماضي أخبرنا النائب العام السويسري بأن تونس نجحت في استرداد الجانب الأكبر من أرصدة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي المهربة بينما فشلت مصر في استرداد دولار واحد من أموال مبارك وعائلته ورموز حكمه المهربة.. والسبب في ذلك - حسبما أوضح - يعود إلي تعدد الاطراف القضائية والمحامين وعدم صدور أحكام قضائية قاطعة لاثبات علاقة الأموال المهربة بجرائم الفساد.. وعلاوة علي ذلك فقد تم إنهاء تجميد 180 مليون فرنك سويسري من أموال رموز مبارك.. وعادت لأصحابها وأشهرهم حسين سالم ورشيد محمد رشيد ومحمد منصور ومحمود الجمال بعد ان تصالحت الحكومة معهم واعطتهم الدولة المصرية صك البراءة.
وكانت قائمة الذين تم تجميد أرصدتهم المهربة عام 2011 بعد سقوط نظام مبارك تضم 14 شخصا.. وصارت الآن بعد المصالحات وتقادم مدة التقاضي تضم 6 أفراد فقط مجموع أرصدتهم 430 مليون فرنك أشهرهم مبارك ونجلاه ويوسف بطرس غالي وصفوت الشريف الذي نفي تماما في التحقيقات الأخيرة مع جهاز الكسب غير المشروع ان له أرصدة مهربة في الخارج.
ولم تسفر اللجان التي تم تشكيلها بعد الثورة وسافرت إلي أوروبا وأمريكا عن أية اتفاقات جادة لاستعادة هذه الأموال رغم ملايين الدولارات التي أنفقتها هذه اللجان في السفر والاقامة.. ومن يدري ربما في الزيارة القادمة للنائب العام السويسري يأتينا بصدمة جديدة ليخبرنا بأن أصحاب الأموال استردوها بالكامل ولم يعد لمصر ما تطالب به.
ومع ذلك فلن ينسي المصريون حلمهم الذي لم يكن اضغاثا.. ولن ينسوا كيف تبارت الصحف الأجنبية بعد الثورة في تقدير ثروة عائلة مبارك التي قالت الجارديان البريطانية إنها تصل إلي 70 مليار دولار.. وقالت صحف وفضائيات أخري أنها تقترب من 40 مليارا.. وتتنوع ما بين أموال سائلة وسندات وسبائك ذهبية في بنوك أمريكا ولندن وسويسرا... وعقارات راقية في عواصم غربية بالاضافة إلي شرم الشيخ والغردقة.
كما كشفت "وثائق بنما" التي نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين العام الماضي امتلاك علاء مبارك لشركة "بان وورلد انفستمنت" المسجلة في جزيرة العذراء البريطانية وهي احدي الملاذات الضريبية الشهيرة ذات السمعة السيئة.
والغريب في الأمر اننا إذا كنا لم نتعامل بالجدية الكاملة في سبيل استرداد هذه الأموال فإننا ايضا لم نحقق مع أي من الأجهزة الرقابية المسئولة اين كانت عندما تم النهب والتهريب.. كيف تم الاستيلاء علي هذا الكم من الأموال تحت سمعها وبصرها ونحن والحمد الله أكثر دول العالم في عدد الأجهزة الرقابية.. وكيف تم تهريب هذا الكم من الأموال خارج مصر في وجود بنك مركزي لا يخرج مليم من البنوك المصرية إلا بعلمه وموافقته؟!
.. ولماذا تلكأ جهاز الكسب غير المشروع طوال كل هذه السنوات لكي يتابع ويصدر تقارير خبرائه في هذا الموضوع؟!