قدرى ابو حسين
نظرة للمستقبل .. حمي التنقيب عن الآثار
المتتبع لأخبار الحوادث في الجرائد القومية أو المستقلة لا يخلو يوماً من خبر عن الآثار والتنقيب عليها سواء متعلقاً بتعرض المنقبين لمخاطر عمليات التنقيب أو ضبط حالات التنقيب أو آثار مكتشفة ومهربة. يشير البعض أن هذه الأحداث قد بدت واضحة ومكررة في الفترة الأخيرة - هذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها لكن بالمقابل - وهذه حقيقة أيضاً أن أعمال التنقيب عن الآثار وتهريبها وبيعها خفية قد بدت مبكرة بل هي جريمة قديمة قدم الحضارة المصرية الفرعونية - حالة من الهوس أصابت الشعب المصري بكل طوائفه اقترنت بالبحث عن الآثار والتنقيب عنها خفية ومحاولة العثور علي أي منها وارتباط ذلك بالرغبة المجنونة لدي المصريين في تحقيق الثراء السريع من خلال العمل في هذا المجال.
فحمي التنقيب عن الآثار طمعاً في الثراء أصابت المصريين جميعاً وفقاً لتقسيماتهم الجغرافية أو الفئوية ولا يوجد مكان في مصر يتردد أو يشاع احتمال وجود آثار به إلا والحفر يتم بنهم شديد ليلاً ونهاراً قد تزداد هذه الظاهرة في بعض المحافظات عن الأخري بحجم ما حواه باطن الأرض من ملامح حضارية فرعونية أو يونانية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية.....إلخ. قد يتبادر إلي الذهن ان هذه الظاهرة قد استفحلت وتراكمت في أعقاب 25 يناير والانحلال الأمني الذي ضرب مصر من أدناها إلي أقصاها هذه الحقيقة لا يمكن المجادلة فيها لكن أيضاً لا ننكر أن حمي التنقيب بدأت قبل ذلك بمراحل مختلفة بل واستطيع أن اقرر ان التكوينات الإجرامية لهذا النشاط قد استقرت وتحددت فيها أعراف يجري العمل بموجبها وأدوار ومسئوليات وشخصيات وحصانات سابقة ولاحقة ان انتشار الظاهرة بهذا الشكل ينم عن ضعف انتماء ووهن الإجلال لتاريخ هذا البلد وارتباط كثير من أبناء المجتمع بهذه الجريمة وانزلاق الكثيرين بالعمل في إطار مقتنعين أنهم قد اتخذوا من الحيطة والحذر ما هو كاف لابعاد الشبهة عنهم أو إبراء الذمة عند إحكام واقعات الضبط.
الظاهرة يا سادة أكبر مما نتصور كثيرون يستحلون العمل من خلالها. ما نهب لوترجم بالأرقام فهو الشيء الكثير ولوترجم بالقيم فهو الكثير والكثير والكثير لكن يبقي تاريخ هذه الأمة أغلي من كل شيء.... يا كل الجهات المعنية بالحفاظ علي تاريخ الأمة المصريةانتفضوا وثوروا وأوقفوا مدلهمة سرقة وتهريب تاريخ مصر فتاريخ مصر أغلي من أن يباع ويشتري في أسواق النخاسة الذي تعرض فيه بقدر بالغ من المهانة بل ان بعض الدول لا ترد ما نهبت رغم ثبوت ذلك بحجة أننا نتعامل باستهانة مع آثارنا العظيمة.