الوفد
وجدى زين الدين
لماذا الاحتراب.. ارجعوا للدستور
لا أحد على الإطلاق يقبل بالتعدى على السلطة القضائية أو أية سلطة أخرى بالبلاد، فالسلطة القضائية مستقلة طبقاً لنص المادة «184» من الدستور، وتقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها ويكون لكل منها موازنة مستقلة يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها. وفكرة العدوان هذه لا يرضى بها أحد، وغير مسموح لأية سلطة أيضاً أن تمارس هذا العدوان على السلطة القضائية أو غيرها.. هذه فكرة أزلية لا تقبل النقاش أو الاعتراض.. لكن يبقى أن هناك أمراً خطيراً بشأن ما يثار حالياً بعد موافقة البرلمان من حيث المبدأ على مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية المعروض على مجلس النواب.
هذا الأمر الخطير، هو وجود من ينفخ فى الأزمة ويسعى إلى إثارة الفتنة والبلبلة فى البلاد ومحاولة خلق أزمة، وتشويه صورة البرلمان ووصفه بأنه المعتدى على السلطة القضائية.
والحقيقة أن الأمر على خلاف ذلك، فالبرلمان لا يجوز له ولا لغيره، أن يعتدى على السلطة القضائية، وقد أعجبنى فى هذا الصدد ما قاله المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى بالإدارية العليا، الذى دعا الى الحوار بهذا الشأن بعيداً عن «الاحتراب»، ما يؤكد أن هناك نفراً يؤجج فكرة الاحتراب، ويسعى الى نشر ثقافة الاختلاف والعدوان بين السلطات المختلفة.
ولذلك إذا كان البرلمان قد وافق من حيث المبدأ على مشروع تعيين رؤساء الهيئات القضائية، فليس معنى ذلك على الإطلاق أنه خالف الدستور، وقد مارس اختصاصه وفقاً للمادة «190» من الدستور، عندما عرض مشروع القانون على مجلس الدولة على اعتبار أنه يتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية.
وبالتالى فإن الموافقة المبدئية للبرلمان على مشروع القانون، لا تعنى أبداً بأى حال من الأحوال صدور القانون.. وبالتالى أيضاً فإن مجلس النواب فى اتنظار رأى مجلس الدو لة فى المشروع والملاحظات التى سيبديها وقد تكون هناك ملاحظات دستورية سواء كانت إيجابية أوسلبية، وفى كل الأحوال سيتم عرض المشروع على البرلمان، ولابد من التصويت بثلثى أعضاء المجلس وفقاً لنص المادة «121» من الدستور.. إذن الجميع فى انتظار رأى مجلس الدولة، وبالتالى لا يجوز أبداً أن ننساق وراء حالة الاحتراب الشديدة الدائرة حالياً، فى حين أنه لا تفكير فى الأصل للاعتداء على أية سلطة، ولا أحد يسمح أو يقبل بذلك.
ثم إن هذه الأمور لا يجب أن تؤخذ بهذه الحساسية المفرطة، وفرض سوء النية فى التعامل مع مشروع القانون.. وفى هذا الصدد لا يفوتنا نص المادة «123» من الدستور التى تقضى بالآتى «لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها.. وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون آقره مجلس النواب رده إليه خلال ثلاثين يوماً من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون فى هذا الميعاد اعتبر قانوناً وأصدر. وإذا رد فى الميعاد المتقدم الى المجلس وأقره ثانية بأغلبية ثلثى أعضائه اعتبر قانوناً وأصدر.
أمام هذه المواد الدستورية التى تنظم كل شىء لماذا إذن الاحتراب، ومازالت هناك خطوات كثيرة ثم لماذا إذن هذه الإثارة ومحاولة خلق صدام بين السلطات واستخدام البعض سياسة التراشق بالعبارات.. نكرر لا أحد يقبل الصدام بين السلطات ولا اعتداء سلطة على الأخرى.. ونكرر أيضاً أن الدستور نظم كل شىء والرجوع اليه فى كل شىء واجب وحتمى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف