خالد الشريف
لماذا ندفع بالحلول السياسية للخروج من الأزمة ؟
لابد من الاعتراف أن مصر تعيش في محنة وأزمة ، أضحى الحليم فيها حيرانا ولامخرج منها سوى العودة إلى الله ومراجعة أنفسنا فبالتوبة والاستغفار يكشف الله البلاء فإنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة..واعتقد أن أول خطوة على طريق ازالة هذه المحنة يجب أن يتخذها الفرد هي الصبر على البلاء وهو باب عظيم في الدين
غفل عنه كثير من الناس فالله سبحانه وتعالى يبتلي ليُهذب لا ليُعذب .. فعلينا أن نفهم لماذا هذه المحنة التي تمر بها بلادنا ؟
البلاء في حق المؤمنين كفارة وطهور .. فقد نُبتلي بذنوبنا ومعاصينا؛ كي يُكفِّرها الله عزَّ وجلَّ وكان القرآن يتنزل على قلب النبي في مكة حيث المحنة الشديدة والعذاب والألم بقوله سبحانه "واصبر وماصبرك إلا بالله "
وربما تسأل البعض لماذا نصبر؟ ولمصلحة من ؟ وفي امكاننا الانتقام والاجابة واضحة فالله تعالى يقول لنبيه في سورة المدثر "ولربك فاصبر"..فطريق الاصلاح والنهضة ليس مفرشا بالورود ولا بالرياحين انما مفروش بالعقبات والعثرات وربما الدماء فما عليك إلا أن تتزود بالصبر وأنت ترجو نهضة لبلادك ..لأن الاصلاح يحتاج لنفس طويل حتى يثمر فالاستعجال ليس من مصلحة المجتمع.. وربما لاتدركنا الاعمار لجني تلك الثمار فتستفيد منها الاجيال القادمة لذلك يقول الله تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "
والصبر يستدعى الاحسان للناس فأصحاب الدعوات لا يسعون لكسب المصالح وجنى المناصب بقدر ما يسعون لكسب القلوب والأخذ بيد الناس إلى الخير فرغم الآلام والمحن لا بد أن نحسن لأهلنا وشعبنا حتى وإن آذونا ..فنقابل السيئة بالحسنة والله يأمرنا بالعدل مع المخالفين والاحسان لهم " إن الله يأمر بالعدل والاحسان "
وهو ما يجعلنا أن نتحلى بالعفو والتسامح وأولى الناس بالرفق والرحمه والمساعدة هم أهلنا الذين أضيروا من جراء الأحداث التي عاشتها مصر من معتقلين ومهاجرين ومشردين فنكون له عونا وسندا فالازمات يجب أن تقوى لحمتنا فنصلح ذات بيننا ونتعاون ونتحد ولا نختلف " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ولابد ان نتذكر أننا أصحاب رسالة الرحمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وهو مايجب أن نناضل في كل اتجاه من أجل نهضة مصر وخروجها من الأزمة التي نعيشها
..ومن الأهمية بمكان أن نتدبر الواقع الذي نعيشه ولا نتحنط ونتجمد في مكاننا فالزمان حولنا يتغير والحال يتبدل كل يوم فننظر إلى الامام فالتطلع إلى المستقبل لا يتم عن طريق القفز على الواقع، فإن تجاهل الواقع إلغاء للعقول ونطح للصخور وهذا مايجب على كل الأحزاب والحركات الإسلامية أن تفعله ففهم الواقع شرط ضروري للانطلاق إلى بناء المستقبل. ورحم ابن القيم عندما قال : “ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهم الواقع والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع. ثم يطبق أحدهما على الآخر؛ فمن بذل جهده في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرا؛ فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله.
وفقه الواقع يكون بالوعي بالمشكلات التي تمر بها مصر والإلمام بخلفيات الأزمة الاقتصادية وتداعياتها، وأزمة التعليم والبحث العلمي، والمشكلات الدولية والاقليمية من حولنا والبحث في أسباب ظاهرة الانقسام والاستقطاب التي عصفت بالمجتمع ولا زالت ..والغريب أن البعض يفهم خطأ أن فقه الواقع يعني تنازلا واستسلاما وخضوعا للواقع، وهذا غير صحيح على الاطلاق بل فقه الواقع يعني مبادرة السياسي لطرح حلول لأزمات الواقع وقد يصيب أو يخطئ، وقد يستوفي أو يقصر، لكن بناء المستقبل لن يكون بعقلية الانتظار وردود الأفعال أو اجترار مسائل قديمة وإشغال الناس بالاثارة والشو الإعلامي
ولذلك يجب على السياسيين والمفكرين أن يحرصوا على إيجاد الحلول عمليه للمشاكل في مصر لا أن يطرحوا أفكارا وأحكاما تربك المواطنين وتثير الإشكال والجدال. .
ونحن في حزب البناء والتنمية ندفع ولا زلنا بالحلول السياسية العادلة كأحد السبل الرئيسية للخروج من الأزمة الطاحنة التي تعيشها مصر مهما كان حجم التعقيد لتلك الازمة فإن الحروب تستمر عشرات السنوات في كثير من الدول وتنتهى بحلول سياسية وهو ما تقتضيه النظرة الواقعية للأوضاع المصرية البالغة الخطورة، والتي استطاع صانعوها أن يعقدوها بعد 30يونيه والتي كانت مظاهرات غاضبة على حكم الدكتور محمد مرسي تطالب بانتخابات مبكرة فتم تعيقدها بإراقة الدماء، وتمزيق لحمه الوطن.
لهذا، يجب تهيئة المناخ لهذه الحلول السياسية حفاظا على الدولة المصرية ومراعاة لمصالح الشعب ويصبح الإلحاح على مبدأ الحل السياسي من أهم أولويتنا كمثقفين وإعلاميين ..حتى وان بدى أن دوائر في السلطة لاترغب في الحل السياسي إلا أننا يجب أن نواصل الطريق فيه لأنه الحل الأمثل حفاظا على الدولة المصرية وتماسكها من الفوضى وخروجا من كل أزماتها الطاحنة.
واعتقد أن الحلول السياسية العادلة سوف تنجح إذا أوقفنا خطاب الانتقام ورسخنا الحوار كوسيلة ديمقراطية في حل النزاع فيجب ان نتعلم أن الأوطان تبنى وتزدهر بالحوار وتنهار الأوطان بالعنف والاستقطاب والانقسام .. والخطوة الأهم هي رد الحقوق لأصحابها من المظلومين والكادحين و الافراج عن كافة المعتقلين والسجناء وفتح نوافذ الحريات يستنشق عبيرها الشعب لنحقق حلمه في العيش والحرية والكرامة الإنسانية.. اللهم اجمعنا شملنا ووحد كلمتنا واهدنا إلى صراطك المستقيم.