المصريون
د . جمال المنشاوى
مجزرة خان شيخون..وهل بقي في العروق دماء؟!
نساءٌ وأطفال, شباب وشيوخ, رضع وكهول, جمع بينهم الموت علي قارعة الطريق أو في البيوت أو علي صدور الأمهات يرضعن حليباً تلوث بغازات كيميائيه مُحرمه دولياً, أطلقها زعيم عربي من طائراته, زعيم يدّعي الوطنية والحفاظ علي الوطن, قتل من أبناء شعبه مئات الآلاف بالقنابل تارة, وبالبراميل المتفجرة أخري, وبالغازات السامة الآن, وقصة الغازات السامة مُبتلي بها شعوب الأمة العربية من المحيط إلي الخليج, فبعض الحكام يستخدمها, والآخرون يسكتون عنه ويخرسون, طالما أنها ضد الأبرياء المساكين المُسالمين, العرب مسلمين كانوا أم مسيحيين, ولو كانت ضد فرنسياً أو إنجليزياً أو أمريكياً, لهاجت الدنيا وماجت, ولسافر أصحابُ الفخامة والسمو إلي بلاد النور أو العم سام ليقدموا خالص التعازي, وأخلص الأماني أن يتغمد الله المفقودين أو القتلى بواسع رحمته, ولشجبوا من كل قلوبهم هذا العمل الجبان والخسيس, ولدعوا بكل قوة للوقوف صفاً واحدا ضد هذا الإرهاب, وهذا ليس بجديد علي هؤلاء القادة الذين تتوزع ولاءاتهم شرقاً وغرباً يمينا وشمالاً, وتشرأب أعناقهم تجاه الكرملين أو البيت ألأبيض, وتهفو قلوبهم لرضي الفتي المدلل إسرائيل, لكنهم أُسودُ علي شعوبهم, يزمجرون ويصرخون في وجوههم, ويستخدمون كل أساليب القهر والقتل لكبتهم ولسلبهم حرياتهم وحياتهم, من قبل تم ضرب حلبجه بالغازات الكيميائية وتكلم العالم عنها إلا أصحاب الفخامة والسمو, لأن العلاقات وقتها كانت طيبه مع فاعلها, فتغاضوا وقتها عن قتل الآلاف, حتى إذا انقلب عليهم أخرجوها له وعايروه بها وطالبوا بمحاكمته عليها؟!, وهنا يُضرَب الشعب السوري من قائده المغوار بالأسلحة الكيميائية وليست المرة الأولي, ومع هذا لا مواقف ولا مشاعر ولا حق ولا عدل ولا إنسانية, ولا ندري كيف سيقف هؤلاء بين يدي ربهم وماذا سيقولون له ؟ وبم سيعتذرون؟, استنكر ترامب واستنكرت إسرائيل الخبيرة في انتهاك آدمية الفلسطينيين, واستنكرت المنظمات والهيئات الدولية, وطالب بعضها بمحاكمه دولية للأسد باعتبارها جريمة حرب, واستنكر مجلس الأمن والأمم المتحدة, لكن ليس هناك إجراء فعلي علي الأرض ينهي هذه الكارثة ويرد الحقوق لأصحابها, عندما تجاوز سلوبودان ميلوسوفيتش رئيس صربيا ورادوفان كاراجيتش حدودهما والدور المرسوم لهما, تم اعتقالهما ومحاكمتهما أمام محكمة العدل الدولية ومات ميلوسوفيتش في سجنه, لكن وبما أن القتلى عرب فهؤلاء لا بواكي لهم, ولا ثمن ولا قيمة يساوونها في عالم البشر, وسيظل الإنسان العربي معمل تجارب, وأرض أبحاث للقنابل الجديدة, والأسلحة الفتاكة, والنظريات المُدمِرة, فقيمة الإنسان حسب قوة دولته, وبحسب إحترامها لحقوقه وآدميته, وهذا في عالمنا العربي مفقود ,فلم يترك الحكام الديكتاتوريون في عالمنا العربي للإنسان قيمه إلا بما يأخذونه منه من تأييد ومبايعه وخضوع وذل, أما حقوقه كإنسان فهي إن تفضلوا وأعطوه جزءاُ منها فهي مِنّة وفضل منهم, وما الناس إلا عبيد إحساناتهم, وما الناس إلا إرث لهم ,وما الوطن إلا تركة وميراث ورثوه عن آبائهم وأجدادهم, الإنسان العربي كائن مهمل مُهمش, يعيش فقط لأنه لم يمت, ويحيا غصباً عنه, فيحتار في كل شئ, منزوع الإرادة, فاقد الهوية, ضائع الحقوق, إلا حق الهتاف بالتأييد لأباطرة الحكم والسلطة, الإنسان العربي طال ليله, وزاد سواده, وعندما أراد أن يتنفس نسيم الحرية ولو بالهتاف والصراخ والأغاني والأناشيد, قابله حكامه المتغطرسون بالرشاشات والدبابات والطائرات والبراميل المتفجرة وبالغازات السامة في بلاد, وبالقتل والسجن والتعذيب والتغييب والتجويع في بلادٍ أخري, حتى لا يرفع رأسه, ويطالب بما وهبه الله وخلقه وجبله عليه وهو الحرية, الحرية التي يعيشها ويعايشها ويتنفسها شعوب يدّعون أنها كافرة وغير مؤمنة لكنهم يختارون حكامهم ويقيلونهم ويحاسبونهم, دون أدني تضييق أو قهر, لذا ينعمون بحياة مستقرة يتوفر فيها حد الكفاية لهم من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والعلاج والتعليم, ويسعي حكامهم لإرضائهم وخدمتهم لأنهم يعلمون أن بقاءهم مُرتهن برضا رجل الشارع البسيط الذي يملك بصوته أن يُصّعِد هذا ويخفض الآخر, الحرية التي عرفنا من ديننا أنها منحة من الله وليست من الحاكم وأنها حق للمحكوم يمارسها علي الحاكم مهما علا شأنه أو زاد سلطانه, قالها حكامنا السابقون (لو وجدتم فيّ إعوجاجاً فقوموني) فقام رجل من عامة القوم وقال (والله لو وجدنا فيك إعوجاجاً لقومناك بسيوفنا) فقال (الحمد لله الذي يوجد في الرعية من يقوموني بسيفه), والآخر قال لواليه عندما ظلم إبنة نصرانياً (متي إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً), كان هذا فهم قدماؤنا الحكام للحرية ,وتطبيقهم لها علي الرعية, وهو ما أخذه حكام الغرب وطبقوه فنعموا بالأمن والأمان, لا نجاة للشعوب العربية المظلومة والمقهورة إلا بممارسة حريتها وانتزاع حقوقها من براثن طبقة الديكتاتوريين الذين يُفسدون ولا يصلحون, ويخربون ولا يُعمِرون, ويقتلون ولا يُحيون , ويدمرون ولا يبنون,الديكتاتورية خراب ودمار وآن لها أن تنتهي من بلاد العرب!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف