عبدالــرازق توفيـــق
مصر قادمة .. ولا عزاء للخونة
لاشك أن مصر علي أبواب مرحلة جديدة في تاريخها. تستعد للانطلاق نحو مستقبل واعد. وثقل دولي وإقليمي كبير. واقتصاد يضعها في مكانة مرموقة بين دول العالم.. وقوة عسكرية تملك الردع والقدرة لحماية أمن مصر القومي. وهي قوة رشيدة ليست متهورة تحمي ولا تعتدي. تؤمن ولا تطمع. قادرة علي أن تواجه سيل التحديات والتهديدات المستجدة برياً وبحرياً وجوياً. وتصون مصالح اقتصادية غاية في الأهمية. وتوجه رسالة للآخرين أن هذا البلد العظيم غير قابل للانحناء أو الانكسار. أو الركوع لغير اللَّه.
المرحلة القادمة تأتي تتويجاً لجهود مخلصة ووطنية. بها تجرد وإنكار ذات. بقيادة رجل وطني لديه من الشموخ والكبرياء والصبر والمثابرة. وإدراك حقيقي لقيمة وقامة مصر وشعبها. هو الرئيس عبدالفتاح السيسي. الذي يسير بهذا الوطن إلي تاريخ غير مسبوق. علي كافة الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية والدولية. لتُشفَي مصر قريباً من أمراض كانت مزمنة ومستعصية. وتنجو من مؤامرة ومخطط شيطاني. لولا عناية اللَّه ووطنية الرجال. وعظمة الشعب المصري. لسقطت في هاوية الضياع.
الرؤية الصحيحة. والصبر والنفس الطويل. والمصداقية. أسباب هذا النجاح الكبير الذي جسدته ريارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للولايات المتحدة. وسط حفاوة رسمية غير مسبوقة. ومراسم تليق بزعيم مصر.
قلت في هذا المكان منذ أكثر من عام: إن الجميع وعلي رأسهم أمريكا. سيأتون إلي مصر وبشروطها.. فلم يدرك أوباما حماقة ما ارتكبه في حق مصر. وأن من سبقه علي مدار التاريخ لم ينجح في إسقاط مصر وحصارها. وظلت صامدة دون أن تتلاشي أو تختفي. بل أنقذت العالم من حملات بربرية. لولاها لدفع ثمناً باهظاً.
لقد وضع الرئيس السيسي منذ 30 يونيه 2013 سياسة جديدة لمصر في علاقاتها الدولية مع كافة الدول العظمي. والكبري منها والصغري. هي المصالح المشتركة والشراكة علي أساس من الاحترام المتبادل لإرادة الشعوب والسيادة دون تدخل أو تأثير في استقلال القرار الوطني. وما تجسده علاقات القاهرة علي أرض الواقع سواء مع أمريكا أو روسيا. أو الصين أو ألمانيا. أو حتي مع الدول العربية. كَبُرَت أو صَغُرَت.. المبدأ واحد لا تبعية لأحد بعد اليوم. ومصر أكبر من أي مساعدة أو مال. لقد أشعل الرئيس في نفوس المصريين الشموخ والكبرياء الذي تستحقه مصر العظيمة.
لا أقول هذا الكلام من باب النفاق أو الإطراء. ولكنها الحقيقة الراسخة علي أرض الواقع.. فمصر لن يستطيع أحد احتكار قرارها. أو الخضوع لتبعية مقيتة. بل قرارها وطني مستقل مهما كانت التضحيات والتبعات. ولقد حدث منذ 30 يونيه ولم تركع مصر أو تستسلم لأوامر أو إملاءات أحد.
يظل الرئيس السيسي والدولة المصرية ومؤسساتها. وعلي رأسها القوات المسلحة. التي ضحت ومازالت من أجل أن تبقي هامة مصر مرفوعة. هي النقطة الفارقة في استعادة الشموخ والكبرياء المصري.. فلا ننسي عندما أعطت أمريكا "أوباما" ظهرها لمصر وإرادة شعبها. ذهبت مصر تحلق بعيداً إلي روسيا والصين تحت شعار علاقاتنا ليست بديلاً لعلاقاتنا مع الآخرين. ومن يريد أن يتعاون معنا فنحن لنا معايير ومواصفات لهذه العلاقة. فلا أحد يحتكر قرارنا. أو يتدخل في شئوننا. ومصالح الآخرين لا تجرح سيادتنا الوطنية.
لم يكن نجاح زيارة الرئيس السيسي نتاج عمل أيام قضاها الرئيس في أمريكا. ولكن نتاج جهد شاق وعمل مضني خلال السنوات الماضية.. ولم تأت حالة التوافق الإيجابي مع العالم من فراغ.. لقد اكتشف العالم صدق رؤية مصر ونواياها في إيجاد عالم يتمتع بالسلام والتسامح والحفاظ علي الدول والجيوش الوطنية ضد جحافل الإرهاب الأسود. الذي تواجهه مصر بشجاعة وتضحيات. وحققت فيه نجاحات أذهلت العالم. رغم أنها تحارب هذا السرطان منفردة ودون دعم أو مساعدة من عالم يهدده الإرهاب في قلب عواصمه. ولم تنج منه كبريات الدول: بريطانيا وأمريكا وروسيا "سان بطرس برج" وأدرك زعماء الدول أن الحل والعلاج عند المصريين الذين يقدمون نموذجاً فريداً في مكافحة التطرف والعنف ويدعون إلي الوسطية والتسامح والتعايش مع كافة الأديان.
نجاحات الرئيس السيسي علي صعيد العلاقات الدولية تنبع من إخلاص وطني ووقوف شعب عظيم خلف قائده. وهو الذي اختاره وجاء به ليقود دفة وزمام الأمور. وهو الرُبان الماهر الصلب الواثق الذي يرسي دعائم سياسة غير متهورة لا تعتمد علي الصياح والصوت العالي والتهديد والوعيد. علي غرار عقود الخمسينيات والستينيات. ودفعنا بسببها ثمناً باهظاً. لكنها الحكمة والسياسة والقوة الرشيدة. رغم أننا نقف علي أرض صلبة: قوة عسكرية. وإرادة شعب عظيم.
استعادة مصر لعلاقاتها مع أمريكا علي أسس ومبادئ جديدة وبشكل أكثر قوة واستفادة متبادلة. ودعم أمريكي مطلق وتعاون عسكري واقتصادي غير مسبوق. كما أكد ترامب. ليس بديلاً لعلاقاتنا مع أحد. ولا يؤثر بأي حال من الأحوال علي علاقتنا بروسيا أو الصين أو ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا. وباقي دول العالم لأننا وضعنا القاعدة والأسس "لا احتكار. لا تبعية. لا تدخل في إرادة الشعوب. أو استقلال القرار الوطني" الأساس هو التعاون والمصالح المشتركة. والشراكة وتبادل المنافع.
منذ 30 يونيه وخطاب مصر يدعونا إلي الفخر.. فقد أكد الرئيس السيسي بصدقه وشفافيته أن مصر دولة لا تعتدي علي أحد. ولاتطمع في آخرين.
تؤمن حدودها من داخل أراضيها. وقوتها العسكرية لحماية حدودها وأراضيها. ومصالحها الاقتصادية. ورد أي اعتداء. ومواجهة التحديات والتهديدات الجديدة التي أدت إلي مسرح العمليات.. فلا نتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة. ولا نصادر حق وإرادة الشعوب.
وضعنا استراتيجية لمواجهة الإرهاب. وحذرنا مراراً وتكراراً من خطره علي العالم. وطالبنا الدول بالتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب بالمال والسلاح. ولطالما وقفت دول كثيرة وأجهزة مخابرات سنداً للإرهاب. خاصة تركيا وقطر. وبريطانيا وأمريكا ــ أوباما. وقد دفعت ثمناً باهظاً. وستدفع.. لذلك عندما وقعت الأحداث الإرهابية في قلب أوروبا والغرب. وأصبحت الهجرة واللاجئون تهديداً مباشراً لدول أوروبا. جاء الجميع ليعرف العلاج وسُبُل المواجهة سواء الأمنية والفكرية. فكان النصيب الأكبر لسماع نصائح الرئيس السيسي. الذي أكد مصداقية مصر. ثم التأكيد علي أن الإسلام ليس سبباً في حالة الإرهاب. والتطرف. لذلك حرصت وفود الدول وقادتها علي زيارة الأزهر. وأيضاً الكنيسة للتعرف علي حيثيات حالة التعايش والأخوة والتماسك بين المسلمين والمسيحيين. وأنهما شركاء في هذا الوطن.
حصيلة المكاسب والأهداف الاستراتيجية التي حققتها زيارة الرئيس السيسي التاريخية لأمريكا. أكبر بكثير من حسابات البعض. فيكفي أن أمريكا وهي دولة عظمي. ستتوقف عن تبني مؤامرة أوباما ضد مصر. وانحيازه لجماعة الإخوان الإرهابية. وبالتالي كان يحرك خُـدَّامه. والكثير من دول العالم. سواء بعدم التعامل مع مصر أو مساعدتها. بل وإيواء الإرهابيين. وتمويلهم ودعمهم. ومنهم للأسف دول عربية شقيقة لم نكن نتوقع منها ذلك.
لكن أمريكا ــ ترامب. أدركت الخطأ الكارثي الذي وقعت فيه إدارة أوباما. حتي أصبحت واشنطن أمام روسيا مثل القزم البائس.. تفقد أمريكا أسهماً ومساحات. وتتمدد روسيا وتكسب جولات ومعارك.. لكن ترامب الذي يبدي حماساً كبيراً للتعامل والتعاون مع الرئيس السيسي. ووصف لقاءه بالعظيم. وقال: إنه أمر عظيم أن أكون هنا مع الرئيس السيسي. ورحب البيت الأبيض علي حسابه الرسمي بالرئيس السيسي.
وما أكده الرئيس الأمريكي أنه سيدعم بشكل مطلق مصر في حربها ضد الإرهاب. وسيشارك معه في دعم هذه الحرب. بالإضافة إلي وصفه بالتعاون العسكري غير المسبوق مع مصر. وحرص الشركات الأمريكية الكبري علي لقاء الرئيس. يؤكد مستقبل مصر الاقتصادي وفرص الاستثمار الواعدة.
ربما يكون التأخر في صدور القرار الأمريكي باعتبار جماعة الإخوان. جماعة إرهابية. إلي لجوء أجهزة المخابرات والمؤسسات الأمنية الأمريكية لاعتبار الجماعة. والاستعانة بها كأداة في تنفيذ المخططات والمؤامرات. وأن الإقدام علي "خطوة" الإرهابية سوف يؤثر علي ذلك.. لكن تظل الجماعة ضالعة في العمالة. وبيع نفسها لأي سيد. رغم الشعارات المضللة والمتاجرة بالأديان والأوطان.
نجاح زيارة الرئيس السيسي الرسمية لأمريكا جاء بسبب التنوع في المضامين والموضوعات واللقاءات. والأهداف والنتائج أيضاً.. فقد التقي الرئيس السيسي كافة الأطياف السياسية الأمريكية وكبار المسئولين. بداية من الرئيس الأمريكي. وحتي مستشار الرئيس للأمن القومي. وأعضاء الكونجرس والجالية المصرية. وهو ما لم يقم به أي رئيس مصري سابق. لكن الرئيس السيسي حريص علي لقاء أبناء مصر. ويعتبرهم سفراء لبلدهم في أي بلد أجنبي.
"مصر ــ السيسي" هي صاحبة العلاقات القوية مع "أمريكا ــ ترامب" وروسيا والصين. وألمانيا وفرنسا. وكوريا واليابان. والمؤسسات الدولية. والقارة الأفريقية. والدول العربية والآسيوية.. لذلك فمصر تقدم نموذجاً فريداً في علاقاتها الدولية. تجمعها مصالح مشتركة تصل إلي حد الشراكة الاستراتيجية بالقوي العظمي. والفاعلة في المجتمع الدولي. رغم ما يبدو من صراعات وتناقضات بين هذه الدول مثل علاقة أمريكا وروسيا. أو غيرها من العلاقات المتوترة.
خطاب الرئيس السيسي. وتوجهاته وعلاقاته الدولية ونجاحاته الخارجية دعمتها حالة تأييد شعبي وتقدير المصريين له.. وقد تأكد ما قاله الرئيس: إنه لا يخشي علي مصر من الخارج. أو من أي قوة. طالما المصريون علي قلب رجل واحد.. وأن التهديدات الخارجية أمرها سهل. طالما المصريون مثل الكتلة الصلبة. وما يجمعهم من تماسك ودعم لبلدهم.
ليست أشعاراً. أو كلام صحفي معسول بهدف المغازلة.. ولكنها الحقيقة التي تؤكد نفسها كل يوم.. والشمس التي لا يستطيع الطابور الخامس والعملاء والخونة الذين يرتجفون ذعراً أو خوفاً من مصير أسود عليهم.. ولعل تقارب "مصر ــ وأمريكا" ربما أصابهم بالجنون. لأن مصيرهم كما تعودت واشنطن هو القمامة. ولا عزاء للخونة.
صدق الرئيس السيسي ونواياه الوطنية المخلصة. وتمتعه بحالة شموخ وكبرياء واتزان سياسي. وخطاب رشيد.وتخلي عن الحالة الانفعالية. والصوت العالي. بالتهديد والوعيد. علي غرار الستينيات. كل ذلك سوف يمكنه في القريب العاجل من تحقيق ما لم يستطع رئيس مصري سابق تحقيقه. فقد فشل محمد علي في إنفاذ مشروعه بسبب عدم التحلي بالرشد السياسي. ولم يحالف التوفيق عبدالناصر في إدراك أحلامه وتطلعاته. فالأحلام وحدها لم تكف. فقد كان صوته أعلي من قوته. لكن يُحسَب له صدقه الوطني.. ولم يستطع السادات إكمال مسيرته بعد تحقيق النصر. وإنجاز السلام. وسمح للأفعي أن تدخل بيته. فلدغته حتي الموت. وهذا ما ينطبق علي علاقته بالإخوان والمتأسلمين.
لكن السيسي قارئ جيد للتاريخ. واستوعب دروسه بالإضافة إلي كونه صاحب قيم وأخلاقيات بعيدة عن الانتهازية والأنانية السياسية. يراهن علي المصداقية والصدق. ولا يغامر أو يقامر بمصر في مستنقعات. ولم ينجح كل من حاولوا استدراجه واستفزازه. أو دفعه إلي مواجهات غير محسوبة.. في نفس الوقت يعمل وبأعلي طاقة وبأذكي رؤية. وسوف يدرك المصريون أن بلدهم علي يد السيسي أصبحت قوة عظمي في المنطقة. يحترمها العالم. وإذا لزم الأمر يخشاها. طالما هذا الشعب في ظهر رئيسه.
مصر تحررت.. ومصر عادت.. وقلت إن مصر قادمة و"جاية".. ومن حسن حظي أن تقديراتي ستكون صحيحة 100%.. وأكرر: قرار مصر وإرادتها وسيادتها ليست حكراً علي أحد. أو رهناً أو رهينة لدي أي قوة في العالم. تتحرك وخلفها أكثر من 7 آلاف عام حضارة.. المهم من يدرك ذلك؟!.. وها هو قد جاء من يدرك ذلك.. وهو الرئيس عبدالفتاح السيسي.. قائد يحترمه شعبه.. وعالم يرفع له القبعة وينحني أمامه.. يكفي أن أقول تصريح أحد أعضاء الحزب الجمهوري: إن لقاء "السيسي ــ ترامب" كان لقاء "الند بالند".. علي المصريين أن يثقوا رغم الصعوبات الحياتية التي تواجههم وغلاء الأسعار. أن الخير قادم قادم. وسوف ترون.