قلت من سنوات.. وأيضًا من أيام.. وأعود اليوم وأقول: إن الرياضة ليست فقط قطاع المنافسة أو البطولة..
لأن الجزء الأكبر والأهم للمواطن والوطن وفقًا للمفهوم الحقيقى للرياضة هو قطاع الممارسة!. وأقول أيضًا: لا القانون الحالى للرياضة القائم من 40 سنة ولا القانون الجديد الذى نسمع عنه من سنوات ولم يصدر للآن.. لا هذا ولا ذاك أعطى أدنى اهتمام فى مواده للممارسة التى هى فى الدول المتقدمة حتمية وأساسية فى حياة المواطن لأجل توازن بدنى ونفسى وصحى ينعكس إيجابًا.. على الإنسان نفسه وعلى المجتمع وعلى الوطن بأكمله!. ممارسة الرياضة.. تقود إلى صحة أفضل وإنتاج أكبر!. ممارسة الرياضة.. أفضل أسلوب وقاية حتى الآن من أمراض العصر.. الإدمان والاكتئاب والتطرف!. أيضًا ممارسة الرياضة.. هى الوسيلة الوحيدة لاكتشاف المواهب الرياضية.. التى منها يبدأ قطاع البطولة وبدونها.. بدون المواهب.. صعب جدًا امتلاك قطاع بطولة قادر على المنافسة العالمية!.
طيب.. إن كان القانون الحالى قد أغفل حتمية ممارسة كل طفل وشاب للرياضة.. فالطبيعى والمنطقى أن يتلافى القانون الجديد هذا الأمر!. قد يسأل البعض.. ما هو المطلوب؟.
المطلوب.. أن يقتنع قانون الرياضة.. باستحالة الوصول إلى مستويات المنافسة العالمية وفوق الـ80% من أطفالنا وشبابنا لا يمارسون الرياضة!. ومرة أخرى قد يسأل البعض: ما علاقة ذلك بالبطولة؟!. أقول: عندما لا تمارس الأغلبية الكاسحة الرياضة.. هذا معناه أننا افتقدنا المواهب الرياضية الموجودة بينهم.. والموهوب لا يتعرف على موهبته ولا نحن نعرف.. إلا إذا أتيحت أمامه مساحة أرض ومساحة وقت ليمارس الرياضة!. وهذا يعنى أننا نكتشف المواهب الموجودة فى العدد القليل الذى وجد ملعبًا!. المدرسة المصرية التى كانت زمان قاعدة ممارسة.. وأهم ركيزة لاكتشاف وتقديم المواهب للأندية.. المدرسة انعدم دورها.. لأن الأنشطة التربوية تم إعدامها لأن ملاعب الرياضة التى كانت موجودة فى المدارس شيدوا عليها فصولًا دراسية.. ولأن المنهج التعليمى.. منهج الحفظ والتلقين.. صادر وقت التلميذ والطالب!. منهج ضخم ابتلع كل الوقت.. وليته بفائدة.. لأن ما يتم حفظه طوال السنة.. ينمحى من الذاكرة بعد أسبوعين من الامتحان!. لا الطالب استفاد علميًا ولا رياضيًا.. والوطن الخاسر الأوحد!.
حتى لو عادت الملاعب للمدارس وهذا افتراض نظرى.. مستحيل أن تعود ممارسة الرياضة إلى المدرسة فى ظل مناهج الحفظ والتلقين.. التى تبتلع وقت وجهد الطالب.. مابين الدراسة والواجبات المدرسية والدروس الخصوصية.. وما تبقى من وقت.. «يادوب» يكفى النوم!.
القانون الجديد نسمع عنه من سنوات.. ولن تنهد الدنيا إذا ما تأخر شهرًا أو اثنين.. لأجل أن ترسى مواده حتمية ممارسة الرياضة لأطفالنا وشبابنا!. ما أطالب به ليس تفضلًا من أحد.. إنما هو حق أصيل كفله الدستور وللأسف أغفله القانون المنتظر!.
لأجل أن تكون ممارسة الرياضة حقًا للجميع.. لابد أن يلزم القانون الحكومة.. بإنشاء المئات من هيئات الممارسة التى يديرها موظف من الجهة الإدارية. هيئة الممارسة.. ملعب أو أكثر فى حجم ملعب كرة اليد.. وهذه المساحة الصغيرة.. تسمح بممارسة كل الألعاب الجماعية والكثير من اللعبات الفردية.. وكلما زاد عدد هذه الملاعب المفتوحة والمتاحة أمام كل طفل وشاب.. نقلنا قاعدة الممارسة من بضعة آلاف إلى عدة ملايين!.
لابد من مادة فى القانون الجديد.. تعيد الرياضة إلى المدرسة المصرية!. مرة ثالثة.. قد يقول البعض: أنت تناقض نفسك.. ومن سطور قليلة قلت إنه حتى لو عادت الملاعب.. لن تعود الرياضة؟.
أقول: نعم قلت هذا ومتمسك بذلك ومع ذلك أنتظر من قانون الرياضة.. مادة تنص على أن الرياضة مادة دراسية إجبارية فى المدرسة المصرية.. لها درجات.. وفيها نجاح ورسوب!.
الرياضة التى أطالب بها مادة إجبارية.. ليست الرياضات الجماعية أو الفردية.. إنما التمرينات البدنية!.
الألعاب.. جماعية أو فردية.. تكافؤ الفرص فيها معدوم!. لماذا؟. لأن مهارات هذه اللعبات.. القليل أعطاها الله له.. والكثير لا.. وتكافؤ الفرص مستحيل.. ومن ثم استحالة أن تكون مادة إجبارية!.
التمرينات البدنية.. تُكْتَسَب بالتدريب والفرص متساوية إلى حد كبير جدًا أمام جميع التلاميذ!.
التمرينات البدنية.. هى الجزء العملى من مادة الرياضة. الهدف منها.. صناعة قوام متماثل من خلال برنامج تدريبى يبدأ من أولى ابتدائى وحتى الثانوية العامة. كل مرحلة سنية لها تمريناتها التخصصية للعضلات والأربطة والعمود الفقرى. التمرينات البدنية لا تحتاج إلى ملاعب. المدرس يؤدى نموذج التمرين فى الفصل.. حيث المساحة المطلوبة.. هى مقدار طول التلميذ.. أغلب تمرينات التقوية لا تحتاج لأجهزة.. والقليل الذى يمكن الاستعانة به.. أثقال خفيفة للمراحل المبكرة.. ويمكن ابتكارها بتكلفة زهيدة فى المتناول!. التلميذ بعد تعرفه على الأداء السليم للتمرين وتأديته فى الفصل.. يؤدى التمرين فى مجموعات بالمنزل وفقًا لتعليمات المدرس. الاختبارات تكون فى معدل الأداء وفى زمن محدد.. والدرجات وفقًا للمعدلات.
الجزء النظرى فى الرياضة.. أن يتعرف الطفل من سنة أولى ابتدائى على جسمه الذى خلقه الله فى أحسن تقويم!. مادة الرياضة النظرية.. هدفها الأساسى أن يتعرف الإنسان على نفسه!. التعريف يبدأ بالمعلومات السهلة البسيطة للمراحل الصغيرة.. إلى أن يصل إلى مبادئ الفسيولوجى والتشريح فى الثانوية العامة!.
مادة الرياضة هنا.. الجزء العملى هدفه قوام سليم بلا تشوهات.. جهاز عضلى مثالى.. لياقة بدنية.. توازن نفسى.. باختصار الجزء العملى لمادة الرياضة.. سيكتشف الطالب أنه تطبيق صادق على أرض الواقع.. لكل ما يتعرف عليه فى الجزء النظرى.
عندما تكون الرياضة مادة إجبارية لـ18 مليون طالب وطالبة فى المدرسة المصرية.. مصر تنتقل من حال إلى حال!. فى معدلات الإنتاج.. وفى السلام الاجتماعى.. وفى الصحة.. وفى الوقاية من التطرف والإدمان والاكتئاب.. وقبلها جميعًا.. فى رياضة البطولة.. ولنا أن نتخيل القدرات البدنية النموذجية للمواهب الرياضية المكتشفة فى الـ18 مليونًا!.
.................................................
>> بمناسبة الكلام عن «الكورة» فى بلدنا.. عندى اقتراح سبق وطرحته مرات ولم يهتم به مسئول.. وخطر على «بالى» أن أقدمه للسادة فى اتحاد الكرة.. وقبل أن تظهر علامات الدهشة على حضراتكم.. لكونى أقدم اقتراحًا لمجلس يلعب فى الوقت الضائع.. أوضح أنهم أمام ثلاثة احتمالات.. البقاء فى مناصبهم أو الاستقالة أو الإقالة!. وإن بقوا.. الاقتراح فى مكانه ولهم.. وإن ابتعدوا بالإقالة أو الاستقالة.. إن لم يعودوا بالتعيين.. قادمون بالانتخاب.. ولا مجال للدهشة.. وعليه اقتراحى ليس مطروحًا على فراغ!.
الفكرة التى أقترحها.. أن تكون مسابقة الدورى.. فى خدمة الكرة المصرية ورفع مستواها!. وهذا معناه أن المسابقة لا تخدم الكرة وأنها فاشلة وأنها تحولت على مدى سنوات طويلة.. إلى سباق مصالح وجماعات مصالح!.
نتفق أولاً.. على أن مصطلح «مسابقة الدورى» المقصود به جميع الدرجات وليس الممتاز فقط.. وهذا الأمر.. على الورق ولا وجود له فى الواقع!. كيف؟.
الموجود عندنا مسابقة المفروض أن كل درجة عمق للأخرى ومكملة لها!. الواقع.. أن الدرجة الرابعة لا تربطها صلة.. بأى درجة.. اللهم إلا أن كل موسم يصعد من الرابعة للثالثة أندية ويهبط لها أندية.. وخلاص!.
طيب.. أحد سأل نفسه يومًا.. ما الذى تقدمه الدرجة الرابعة مثلًا للكرة المصرية؟. سؤال لا توجد إجابة عنه.. لأنها فى الواقع لا تقدم شيئًا.. لأنه من الأصل أحد لم يوظفها لأجل أن تكون ركيزة من ركائز كرة القدم فى مصر؟. وهل يمكن أن تكون؟.
نعم.. فيما لو أردنا بجد إصلاح الكرة بحق!.
لو أردنا أن نكون مثل أى دولة فيها كرة قدم حقيقية.. علينا بالآتى:
1ــ إعادة الاعتبار إلى مفهوم ممارسة الرياضة.. وهذا يكون عمليًا على الأرض.. وليس مادة فى دستور!. عمليًا.. الحكومة فورًا تحترم ما جاء فى الدستور.. بأن ممارسة الرياضة حق لكل مواطن!. نريد تطبيقًا عمليًا بتخصيص عشرات المئات من مساحات الأرض «30*50 مترًا» لتكون هيئات ممارسة.. وهذه أول خطوة فى رفع قاعدة الممارسة من آلاف إلى ملايين.
2ــ عندما يمارس ملايين الأطفال الكرة.. سنكتشف مئات وربما آلاف المواهب!. هنا لابد من إنشاء هيئات متخصصة فى كرة القدم وحتى 17 سنة فقط!. هذه الهيئات أو الأكاديميات أو أى مسمى مهمتها التقاط المواهب التى كشفت عنها هيئات الممارسة. هنا يبدأ دور قطاع البطولة.. هنا تبدأ خطوات صناعة نجوم كرة!. هنا.. نسأل أنفسنا.. نريد نجومًا مثل أعظم نجوم العالم؟. الأمر سهل.. لأننا لن نخترع.. نفعل.. ما يفعله من علمناهم الكرة فى إفريقيا!. الأكاديميات التى تلتقط المواهب وترعاها فنيًا وبدنيًا وصحيًا وغذائيًا وسلوكيًا.. تصدر من إفريقيا سنويًا عشرات المواهب الصغيرة إلى أوروبا.. وهذا ما جعل أحدث دول إفريقيا.. لها نجوم فى أوروبا!.
3ــ الهيئات المتخصصة فى كرة القدم حتى 17 سنة.. هى حَضَّانات المواهب!. هى التى تبيع مواهبها للداخل والخارج!. هى الحلقة الأهم بين هيئات الممارسة وأندية البطولة!. هى الأمل الوحيد لإصلاح الكارثة الموجودة منذ دخلت الكرة مصر!. الموهبة تظهر فى أى مكان.. فى أغلب الأحيان لا يراها أحد!. وإن وجدت من يراها.. لن تجد من يرعاها فنيًا وبدنيًا وغذائيًا وصحيًا فى أهم مراحل صناعة اللاعب العالمى!. الصحة العدمانة واللياقة المتواضعة وأشياء سلبية أخرى لا داعى لذكرها.. هى السمة المميزة لأغلب ما ظهر لنا من مواهب.. والحقيقة هم ضحايا جهلنا والفقر فى تخطيطنا والعشوائية التى ندير بها الكرة المصرية!.
4ــ عندنا هيئات ممارسة للصغار.. فوقها هيئات متخصصة فى الكرة تلتقط مواهب الصغار وتبيعهم قبل سن الـ17 سنة. فوق هذه الهيئات المتخصصة.. يأتى دورى الدرجة الرابعة.. والسن فيه حتى 20 سنة فقط.. والناشئ الذى لم يلفت أنظار القسم الثالث والممتاز «ب» والممتاز «أ» حتى 20 سنة.. يترك مكانه لناشئ صغير.. ويلعب هو فى مسابقات الرياضة للجميع وليس مسابقات اتحاد الكرة التى هى لخدمة الكرة!.
5ــ الدرجة الثالثة أو القسم الثالث.. السن فيها حتى 23 سنة فقط والممتاز «ب» والممتاز «أ» هما عمق لبعضهما والسن فيهما مفتوحة!.
هنا يكون لمسابقة الدورى شكل ومضمون ومعنى!. هنا تكون المسابقة بكل درجاتها فى خدمة الكرة المصرية ولرفع مستواها!.
إعادة رسم خريطة الدورى بهذه الطريقة.. السبيل الوحيد للعب كرة قدم مثل التى يلعبها العالم!.
بقاء مسابقة الدورى كما هى عليه.. الضمانة الوحيدة.. لتأمين وتحصين أصوات الأندية فى الانتخابات!.
للعلــــــــــــــــــــم
>> فى مسابقة الدورى الكروى عندنا.. كل فريق يضم 30 لاعبًا مقيدين لديه.. يحق له أن يشارك بهم فى المسابقة.. إضافة لأى عدد من الناشئين المقيدين فى المراحل السنية المختلفة بالنادى.. كل مدرب يسعى إلى تثبيت خطوط فريقه.. وهذا معناه أن الذين يلعبون المباريات الرسمية 14 لاعبًا فقط فيما لو أجرى التغييرات الثلاثة المسموح بها.. طيب والـ16 لاعبًا الآخرون.. ماذا يفعلون؟. الذى يحدث على أرض الواقع.. أنهم يتدربون فقط.. وكل لاعب وبخته إن أتيحت له الفرصة.. فيما لو حدثت إصابات أو إيقافات بين صفوف الأساسيين.. وبطبيعة الحال عندما يشارك لاعب من الاحتياطيين الـ16 فى مباراة رسمية.. غالبًا ما يكون مستواه أقل من الأساسيين.. لأنه يفتقد لياقة المباريات.. لأنه يتدرب فقط ولا يلعب غالبًا وربما أبدًا!. والحل؟.
الحل.. سهل ومتاح ونقدر عليه!. الفريق الأساسى لعب مباراة رسمية فى المسابقة.. فى اليوم التالى مباشرة.. الـ16 لاعبًا الذين لم يشاركوا.. يلعبون مباراة ودية.. مع الـ16 لاعبًا الذين لم يلعبوا فى ناد آخر!. معنى الكلام أن اللاعب الاحتياطى يتدرب ويلعب بصورة منتظمة مباريات!. وأيضًا المستوى الحقيقى لكل لاعب وضح للجميع ومعروف للجميع.. وصعب على أى مدرب إنكار هذه الحقيقة!.
عندما يحدث ذلك.. أى مدير فنى سيكون لديه 30 لاعبًا جاهزون.. فنيًا وبدنيًا.. بجد وبحق!. عندما يتم ذلك.. نرفع الظلم الفادح الواقع على اللاعب الاحتياطى فى الكرة المصرية!.
لو فعلنا ذلك ما جلس لاعب مثل كوليبالى.. كل هذه الشهور احتياطيًا!.
إنها الكرة المصرية.. التى تبتلع مئات الملايين من الجنيهات سنويًا.. المعلن فيها الاحتراف على الورق.. وعلى أرض الواقع السبهللة والفوضى والمجاملات والحب والكراهية.. فيمن يلعب أساسياً.. ومن يجلس الموسم كله احتياطياً!.