بسيونى الحلوانى
لوجه الله .. أستاذة الأدب "الراقصة" وتدهور الأخلاق الجامعية
عندما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: قم للمعلم ووفه التبجيلا.. كاد المعلم ان يكون رسولا.. أعلمت اشرف أو أجل من الذي يبني وينشيء انفسا وعقولا.. لم يدر بخلده أن يتحول المعلم في مصر إلي تاجر شنطة لا يشغله إلا جمع المال من الدروس الخصوصية كما يفعل كثير من المدرسين في مختلف المراحل التعليمية أو متحرش بطالباته في الجامعة كما فعل استاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ومنعه رئيس الجامعة الحازم د.جابر نصار من التدريس.. أو بمغن أمام طلابه يغني لهم "طالعة من بيت أبوها" كما فعل عميد كلية الآداب بدمنهور وعندما عاتبه زملاؤه علي هذا السلوك قال: الطلاب سعداء بما فعلت وهم الذين طالبوني بالغناء وأخيرا راقصة كما فعلت استاذة أدب بجامعة السويس حيث لم تجد المربية الفاضلة حرجا في تلبية رغبة بعض الطلاب وربطت الحزام علي وسطها وهات يا رقص وعندما قررت الجامعة احالتها للتحقيق قالت بكل بجاحة: لا أخشي التحقيق وطلابي يساندونني!!
هكذا اصبح الاسفاف واهدار القيم الجامعية له ظهير شعبي في الجامعات المصرية واصبح الاساتذة يفعلون ما يحلو لهم أو ما يطلبه الطلاب منهم دون حرج أو خوف من عتاب أو عقاب.. كما ان الطلاب تجرأوا علي الاساتذة واصبحوا يطالبون العميد بالغناء والاستاذة بالرقص وقد شاهدت بنفسي طالبا جامعيا يقول لاستاذه بصول عال أمام جامعة خاصة في أكتوبر "ماشية معاك ياعم" بعد ان شاهده يتحدث مع طالبة تكشف اكثر مما تغطي من جسدها أمام الجامعة الأمر الذي قابله الاستاذ بابتسامة دون خجل مما يوحي بأن العلاقة بين الاستاذ والطالب لا يسودها أي احترام!!
***
وهكذا اصبحت الجامعات المصرية تصدر لنا مشاهد مؤسفة تؤكد تدهور الأخلاق الجامعية وانفلات سلوك الاساتذة والطلاب دون وجود عقوبات رادعة تعيد الجميع إلي ما ينبغي أن تكون عليه الجامعة من قيم وأخلاق.
هكذا انهارت الأخلاق الجامعية وزالت الحواجز بين الاساتذة والطلاب واصبح الاستاذ الجامعي يلبي رغبات طلابه حتي فيما يتعلق بالمنهج التعليمي يحذف لهم ما يشاءون من المنهج ويعطي لهم نماذج للامتحان واصبح الطلاب يحتجون رسميا علي الاستاذ ويتظاهرون داخل الكلية لأن سيادته جاء بسؤال من خارج الجزئيات التي طالبهم بالتركيز عليها!!
وفي ظل هذا المناخ المتردي تربويا وأخلاقيا وتعليميا تراجعت جامعاتنا في التصنيفات العالمية وانهار مستوي الخريجين في مختلف التخصصات وتلاشت الفروق بين الجامعات الرسمية التي اشتهرت بالانضباط والجدية والجامعات الخاصة التي انشئت لأهداف استثمارية ولا يهم القائمون عليها مستوي المتخرج فيها ولا حجم مساهمته في المجتمع بعد ذلك.
***
في ظل هذا الانفلات لن تستعيد جامعاتنا المصرية مكانتها العلمية ولا سمعتها الأخلاقية إلا إذا كان لمجالس الجامعات وقفة جادة وحازمة لمواجهة اسفاف الاساتذة والطلاب واتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة مراهقة الاساتذة مع الطالبات ومواجهة تدني السلوك بين بعض الطلاب والطالبات داخل حرم الجامعة.
لا ينبغي التعامل مع نماذج الاسفاف والتدني السلوكي التي أشرت إليها هنا علي انها حالات شاذة فالجامعات المصرية - عامة وخاصة - تشهد يوميا سلوكيات غريبة لم تألفها الجامعة من قبل وهناك اساتذة مراهقون معروفون بالاسم وهناك شكاوي صارخة منهم وتلجأ ادارة الجامعات إلي "لم الموضوع" حرصا علي سمعة الجامعة دون ان تتخذ القرارات التربوية اللازمة لهؤلاء الاساتذة الذين يحتاجون إلي تربية وتعليم وتهذيب سلوك وربما علاج نفسي كما أصبحت ساحات الجامعات ودهاليزها مسرحا لاسفاف الطلاب والطالبات والتدني الأخلاقي لبعضهم دون رقابة تربوية جادة داخل الجامعات ودون عقوبات تعيد الجميع إلي صوابهم.
لذلك نتطلع أن يكون لمجلس جامعة قناة السويس موقفا جادا مع استاذة الأدب "الراقصة" وان يكون قرارها تربويا وناقلا لرسالة مهمة للأساتذة والطلاب معا لاستعادة قيم وأخلاق الجامعة فالأستاذ للتربية والتعليم ونقل الخبرات والمعارف والمهارات إلي طلابه وليس من أجل الترفيه عنهم بالغناء أو الرقص.
مواجهة اسفاف الجامعات يحتاج إلي قرارات جريئة من مجالس ادارتها ولا ينبغي هنا التأثر بضغوط خارجية ولا بحملات اعلامية غير موضوعية واتاحة الفرص للمسفين لترويج اسفافهم وتبريره فالجامعات مؤسسات تربوية تعليمية لها تقاليدها واخلاقياتها ويجب ان تكون قراراتها التربوية نابعة من الايمان بتلك الرسالة والعمل الجاد علي تعظيمها.
وهنا لا ينبغي ان تركز مجالس الجامعات علي ما يتعلق بالعملية التعليمية واهمال الجوانب التربوية والأخلاقية فلا قيمة لأي جهد علمي تقدمه الجامعة في ظل انفلات اخلاقي تغمض الطرف عنه والعلاقة بين الطالب والاستاذ ينبغي ان تعود كما كانت يسودها الاحترام المتبادل في ظل التقاليد الجامعية الراسخة.
جامعاتنا المصرية في مهب الريح ومحاولات اهدار قيمها التعليمية والاخلاقية لا تتوقف وإذا كان دور ورسالة الجامعة العلمي قد تراجع فعلي الأقل ينبغي ان تظل محافظة علي سمعتها التربوية والأخلاقية.