المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري .. الوطن والمواطنة
لم يعرف الإسلام التفرقة بين المواطنين في إقليم واحد سواء بسبب الدين أو اللون أو الطائفة والجميع سواسية كأسنان المشط. وهذا مبدأ إسلامي قرأناه وحفظناه ونشأنا عليه من مصر الحبيبة. الإسلام دين طلب من المسلمين الحفاظ علي الجيران ولو كانوا من غير المسلمين عملاً بحديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم "مازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه" لاحظ أن النبي ذكر كلمة الجار خالية من أي صفة أخري حتي تكون عامة. تشمل الجار المسلم وغير المسلم مؤكداً أن الذين يعيشون علي أرض واحدة تربطهم روابط الوطن من جيرة ومشاركة في كل شئون الحياة هم عصبة واحدة لا يتفرقون أبداً. يؤلمني ويزيدني ألماً أن بعض الكتاب يطلق تعبيرات وجملاً تحمل إدعاءات أن الدين ضد المواطنة وضد الوطن وأن تدريس الدين في المدارس يزرع الفتنة. ويشيع الفرقة. وأن الأزهر يحرم دخول أو التحاق غير المسلمين بكلياته إلي آخر هذه التعبيرات غير الصحيحة. وكأن مصر لا يكفيها ما بها من مشاكل يعيش فيها الوطن والمواطنون. لا يكفيها عناء السعي نحو النهضة والجري وراء كل باب يوصلنا إليها نفتحه. ودفع كل عائق بيننا وبين المضي قدماً إلي درب التقدم الصناعي والزراعي. وكأن كل مشاكلنا انتهت ليأتي كاتب أو أكثر أتيحت له تسويد صفحات أشهر الصحف بآراء لا فائدة منها سوي إثارة الفتنة. وبث روح الخوف لدي بعضنا. يزعم بطلاناً وزيفاً أن الدين ودراسته في مصر هما سبب التفرقة بين المسلم والمسيحي والتعليم في المدارس. هو من أشعل الفتنة الطائفية وأن الأزهر بما فيه من علوم شرعية يؤذي اخوتنا الأقباط ويجرح مشاعرهم. ناسياً بقصد أو بغير قصد أن الإسلام هو من حفظ لغير المسلمين من النصاري واليهود حقوقهم وحرية عادتهم. والحفاظ علي معابدهم. وان المبدأ القرآني العظيم "لكم دينكم ولي دين" طبقه سيدنا رسول الله في وثيقة المدينة التي حفظ فيها حقوق غير المسلمين. وحرص عمر بن الخطاب علي عدم الصلاة في الكنيسة بالقدس حتي لا يكون ذلك سبباً للمسلمين في اتخاذها مسجداً وعمر بن الخطاب هو الذي طبق التكافل المجتمعي حين رأي يهودياً يسأل الناس. فجعل له في بيت المال جعلاً شهرياً. وكان عمرو بن العاص يسند أمور الأقباط في مصر إلي رجال الدين المسيحي لأنهم أقدر علي معرفة شئونهم والوقوف علي طلباتهم.. والأزهر منذ مئات السنين قائم. ولم يكن سبباً لتفريق المسلمين عن الأقباط بل كان منبره متاحاً للشيخ والقسيس في نداء الجهاد ضد العدو المحتل ودراسة الفقه فيه تشهد بعشرات القواعد التي تحفظ لغير المسلمين حقوقهم.. وكان المصريون علي قلب وجل واحد دائماً وأبداً.
إن موتوراً من هنا أو هناك تلفظ بقول بائس أو لفظ غير مسئول.. هل يؤدي ذلك إلي الاعتقاد بأن المصريين يتناحرون أو يختلفون وهل كان انفصال التلاميذ في حصة الدين إلا احتراماً لخصوصية كل عقيدة. وعدم دخول غير المسلمين جامعة الأزهر لا تمثل تفرقة بقصد إنما تمثل احترام مشاعر الآخرين وعجيب أن هذا الكاتب وغيره يطالب برفع الآيات القرآنية من كتب الدراسة حتي لا نحرج اخوتنا الأقباط يتناقض مع نفسه ويهاجم عدم التحاقهم بجامعة الأزهر.