الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. ومات نقيب الفن السينمائي
سقطت الجريدة من يدي.. مفاجأة ضخمة غير متوقعة قط.. فلم أكن أعلم بمرضه "الخبيث" فعلاً.. وهو أصلاً قليل الكلام. نادر الشكوي. بعيد عن التجمعات والرغي والظهور والحفلات والاحتفالات.. كل هذا هو طبيعته الاجتماعية وخواصه الشخصية لذا أخفي عنا هذا المرض الخبيث الذي تحمله وحده وأخفاه عن محبيه المقربين منه.
لذا خانتني دموعي بغزارة.. فمعرفتي به غير عادية.. أعرفه قبل أن يولد وبعد ولادته.. المرحوم والده كان يعمل محرراً بجريدة "المصري".. ثم عرفته حينما كان يجمع بين الدراسة والعمل لمدة عام.. عمل في "الجمهورية" عام 1964 وتخرج في معهد الفنون المسرحية "قسم النقد" وراثة عن والده عام 1965!!!.. فلم نكن مجرد زملاء.. بل أصدقاء.. كان سمير فريد محباً لمهنته لذا كان كثير الاطلاع. زبوناً دائماً للمكتبات.. كان رأسه محزناً للعديد من الأفكار والآراء وكانت "نافذة" بعض الآراء التي يريد توصيلها لوزارة الثقافة الوليدة منذ شهور.. كانت "النافذة" العمود اليومي الذي أكتبه في صفحة الرياضة حتي الآن.. وطالما لفت أستاذي محسن محمد نظري.. مؤكداً بخفة دمه المشهورة رحمه الله.. لفت نظري أنها "صفحة رياضة لا فن".. إلي أن وصلنا إلي المعركة المشهورة التي نشرت قصتها حينما تولي سمير رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام .2014
ہہہ
كان المرحوم كمال الملاخ هو صاحب الفضل الأول في إقامة مهرجان للسينما باسم القاهرة صاحبة ثاني فيلم في التاريخ.. كيف لا يكون لها مهرجان "دولي".. والدولة لم تتحمس للموضوع.. فاتفق كمال الملاخ مع شركة فنادق شهيرة علي "تبني" الفكرة.. وقد كان.. وكان المرحوم سمير له رأي آخر.. رأي مدروس بدقة.. الهيئة العالمية المختصة بالمهرجانات السينمائية "الدولية" لا تمنح الصفة "الدولية" إلا للمهرجانات التي تقيمها الدول وليس الشركات خاصة الشركات التجارية ويجب إقناع مصر بالمزايا الضخمة التي تمنحها الهيئة إذا كان المهرجان تحت ظلها.. وطالب سمير بإخفاء اسم الشركة الخاصة بالفنادق في مطبوعات وإعلانات المهرجان الذي كان يرأسه الملاخ وكان يديره أحمد ماهر وكان هذا مستحيلاً.. واستمر المهرجان.. ومات الملاخ ثم أحمد ماهر وتوقف المهرجان.. وبدأ "المحرر الفني الصاعد الواعد" المقروء.. لثقافته وتاريخه ومعلوماته وسفرياته واتصالاته.. بدأ يكتب عن عودة مهرجان القاهرة.. ولماذا لا يكون باسم "القاهرة" وتتبناه الوزارة.. فصدر قرار وزاري برئاسة سعد الدين وهبة المهرجان وهو وكيل الوزارة.. فاكتسبت مصر "صفة الدولية" لمهرجان القاهرة.. في نفس العام.
ہہہ
حينما أكتب في العنوان "نقيب النقاد السينمائيين" لأن هذا اللقب هو اختصار شديد لمسيرة طالب جامعي شق طريقه نحو القمة بأسرع ما يمكن.. حصل علي أكبر جوائز عالمية كأول ناقد عربي ولا أقول مصري حصل علي هذا العدد من الجوائز العالمية منذ مهرجانات كان وبرلين وجائزة الدولة الكبري للتفوق وغيرها.. أسس جمعية نقاد السينما.. قام بتغطية كل مهرجانات السينما العالمية طوال هذه السنوات.. وألف ما يقرب من خمسين كتاباً.. آخر كتاب "سينما الربيع العربي" في المكتبات الآن.
ہہہ
هناك "كلمة" "محشورة في زوري" نفسي أقولها:
كلنا يعلم جيداً مدي الفساد في الإعلام عموماً.. والمعروف أن أكبر مجالين للفساد الإعلامي هما مجال الرياضة والفن.. أشهد أمام الله عز وجل.. وأنا في هذه السن المتقدمة.. أن أحد القلائل جداً جداً جداً الذين يتمتعون بالشفافية المطلقة هو سمير فريد.. اللهم أحسن مثواه في الآخرة فقد كان نزيهاً وعفيفاً في الأولي وسبحانك أعلم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف