الوطن
د. محمود خليل
المنحة يا ريس..!
وزارة النقل رفعت سعر تذكرة المترو من جنيه إلى اثنين، ثم قرر المشاركون فى اجتماع الجمعية العمومية لشركة مترو الأنفاق الموافقة على صرف أرباح 8 أشهر من الراتب الأساسى لكل عامل عن العام الماضى.

القرار استفز كثيرين، كان من بينهم اللواء سعيد طعيمة، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، وقال إن اللجنة اتفقت مع وزير النقل الدكتور هشام عرفات على الشفافية فى المرتبات للعاملين بالوزارة، وخصوصاً القيادات، وأنه تلقى العديد من الشكاوى التى تفيد بأن هذه القيادات تتلقى مبالغ مالية كبيرة جداً فى العام الواحد، وأضاف أنه فى حالة صحة واقعة «صرف الأرباح» لا بد من استجواب وزير النقل فى البرلمان، ومحاسبته على هذا القرار، قائلاً: «إزاى نرفع التذكرة على الناس ونطلع مكافآت بالشكل ده؟».

ربما كانت الأرباح المتأخرة للعاملين بالمترو حقاً للعاملين الغلابة بهذا المرفق، فشأنهم شأن أغلب الموظفين المصريين، يجدون أنفسهم فى أشد الحاجة إلى «بلة ريق» فى ظل حر الغلاء الذى يحرق صدورهم، لكنّ ثمة سؤالاً حول مجىء تلك الكلمة الغريبة: «كلمة أرباح» فى سياق الحديث عن المكافآت المتأخرة، فكافة التصريحات التى خرجت عن المسئولين الحكوميين وكذلك المسئولون عن المرفق أكدت أن «المترو» يخسر، وفى محاولة لمواجهة هذه الخسائر، اتخذ القرار الخاص بزيادة سعر التذكرة. فهل يخسر المترو أم يربح.. أم أن الأمور لم تزل تدار بنفس المنطق القديم الذى نرى فيه شركات ومؤسسات ومشروعات تخسر، وفى الوقت نفسه تصرف أرباحاً؟!.

صرف المكافآت المتأخرة لموظفى المترو مطلوب، لكن وضعها تحت يافطة «الأرباح» عجيب!.

البعد الأخطر فى كلام اللواء «طعيمة» يتعلق بالحديث عن المبالغ التى تتلقاها قيادات المترو، خصوصاً أن الرجل أشار إلى اتفاق ودى تم بين لجنة النقل والمواصلات بالمجلس والوزير المختص حول ضرورة «الشفافية» فى الإعلان عما تقبضه يد القيادات من مبالغ، وهذا الأمر لا ينطبق على قيادات المترو فقط، بل ينطبق على القيادات العاملة فى كافة المواقع، وأياً كان مستوى القيادة.

الشفافية فى مثل هذه الأحوال مطلوبة، ولا يوجد منطق فى أن تعانى القاعدة العريضة، فى وقت ترفل فيه القيادات الحكومية فى العز، وتخرج على الناس بلسان متعال وتقول لهم «استحملوا»!.

فاتورة الإصلاح الاقتصادى يجب ألا توضع فوق رأس المواطن العادى وفقط، الكل مطالب بالمشاركة والتحمل، ومن حسن الفطن أن تجتهد الحكومة فى «التطرية» على المواطن، حتى يستطيع المواصلة.

صرف ما يسمى بـ«الأرباح المتأخرة» للموظفين البسطاء بالمترو جيد، حبذا لو توازت معه أيضاً نظرة إلى الموظفين المصريين.

لقد ترددت أنباء تفيد بأن الرئيس سوف يعلن عن منح «علاوة استثنائية» للعاملين بالدولة لمواجهة الغلاء خلال الاحتفال بعيد العمال (1 مايو المقبل)، هذه الخطوة ضرورية كى «لا يطق الناس من جنابهم»، نعم هى تعيدنا إلى أجواء سابقة، عشناها أيام الرئيس الأسبق «مبارك»، عندما كان يصرخ العمال للرئيس قائلين: «المنحة يا ريس»، إلا أنه لا بد مما ليس منه بد.

برضه نواية يمكن أن تسند زير الكثيرين ممن أرهقهم الغلاء!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف